كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

الْعَالَمِينَ، الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ، الذي لا إله إلا هو، يفعل ما يريد، اللهم أنت الله الذي لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث، واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغا إلى حين، ثم رفع يديه حتى بدا بياض إبطيه، ثم حول إلى الناس ظهره، واستقبل القبلة -وحول- رداءه وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس، ونزل فصلى ركعتين، فأنشأ الله سحابا، فرعدت وبرقت، ثم أمطرت بإذن الله، فلم يأت مسجده حتى سالت السيول، فلما رأى ذلك وسرعتهم إلى الكن ضحك حتى بدت نواجذه، فقال: "أشهد أن الله على كل شيء قدير، وأني عبد الله ورسوله".
وقد حكى ابن المنذر الاختلاف في وقتها، والراجح أنه لا وقت لها معين، وإن كان أكثر أحكامها كالعيد، لكنها تخالفه بأنها لا تختص بيوم معين، وهل تصنع بالليل؟ استنبط بعضهم من كونه -صلى الله عليه وسلم- جهر بالقراءة فيها بالنهار، أنها نهارية
__________
رَبِّ الْعَالَمينَ} " أي: مالك جميع الخلق من إنس وملائكة وجن ودواب وغيرهم، وكل منها يسمى عالما، وغلب في جمعه بالياء والنون أولو العلم على غيرهم وهو من العلامة؛ لأنه علامة على موجده " {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} " أي: ذي الرحمة وهي إرادة الخير لأهله " {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} " الجزاء وهو يوم القيامة، وخص بالذكر؛ لأنه لا ملك ظاهرا فيه لأحد إلا الله تعالى لمن الملك اليوم لله، ومن قرأ مالك، فمعناه مالك الأمر كله في يوم القيامة، أي: هو موصوف بذلك دائما كغافر الذنب، فيصح وقوعه صفة للمعرفة "الذي لا إله" أي: لا معبود بحق في الوجود "إلا هو يفعل ما يريد" لا يعجزه شيء "اللهم أنت الله الذي لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء أنزلنا علينا الغيث" أي: المطر "واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغا إلى حين" تنقضي آجالنا "ثم رفع يديه حتى بدا بياض إبطيه" لمبالغته في رفعهما "ثم حول إلى الناس ظهره" أي: جعله إليهم "واستقبل القبلة وحول رداءه وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس ونزل" عن المنبر "فصلى ركعتين فأنشأ الله سحابا" أي: غيما جمع سحابة، ويجمع أيضا على سحب وسحائب "فرعدت" أي: السحاب والإسناد مجازي "وبرقت": لمعت "ثم أمطرت بإذن الله، فلم يأت مسجده حتى سالت السيول" لكثرة المطر "فلما رأى ذلك وسرعتهم إلى الكن" بالكسر وشد النون "ضحك حتى بدت" " ظهرت "نواجذه" بجيم وذال معجمة "فقال: "أشهد أن الله على كل شيء قدير" ومنه ما شاهدتم في الحال "وأني عبد الله ورسوله" فأجاب دعائي سريعا.
"وقد حكى ابن المنذر الاختلاف في وقتها، والراجح أنه لا وقت لها معين وإن كان أكثر أحكامها كالعيد، لكنها تخالفه بأنها لا تختص بيوم معين وهل تصنع بالليل، استنبط

الصفحة 116