كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)
عن أنس: أن رجلا دخل المسجد يوم الجمعة من باب كان نحو دار القضاء ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائم يخطب، فاستقبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائما، ثم قال: يا رسول الله، هلكت الأموال، وانقطعت السبل، فادع الله يغيثنا، قال: فرفع
__________
الحافظ: لم أقف على تسميته في حديث، ولأحمد عن كعب بن مرة: ما يمكن أن يفسر هذا المبهم بأنه كعب، وللبيهقي مرسلا: ما يمكن أن يفسر بأنه خارجة بن حصن الفزاري، لكن رواه ابن ماجه عن شرحبيل بن السمط أنه قال لكعب بن مرة: يا كعب حدثنا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فقال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله استسق الله، فرفع يده، فقال: "اللهم اسقنا".. الحديث، ففي هذا أنه غير كعب، وزعم بعضهم أنه أبو سفيان بن حرب وهم؛ لأنه جاء في واقعة أخرى قبل إسلامه، وينفي زعمه قوله: يا رسول الله، فإن أبا سفيان لا يقولها قبل إسلامه، وفي رواية عن أنس: جاء أعرابي من أهل البادية "دخل المسجد يوم الجمعة من باب كان نحو دار القضاء" فسرها بعضه بدار الإمارة وليس كذلك، وإنما هي دار عمر بن الخطاب، سميت بذلك؛ لأنها بيعت في قضاء دينه وكان يقال لها: دار قضاء دين عمر، ثم طال ذلك، فقيل: دار القضاء، أخرجه الزبير بن بكار عن ابن عمر.
وروى عمر بن شيبة عن ابن أبي فديك، عن عمه: كانت القضاء لعمر، فأمر عبد الله وحفصة أن يبيعاها عند وفاته في دين كان عليه، فباعاها من معاوية، فكانت تسمى دار القضاء، قال: وأخبرني عمي أن الخوخة الشارعة فها غربي المسجد هي خوخة الصديق، وقد صارت بعد ذلك إلى مروان وهو أمير المدينة، فلعلها شبهة من قال: إنها دار الإمارة، وجاء في تسميتها قول آخر، رواه عمر بن شية عن سهلة بنت عاصم، قالت: كانت دار القضاء لعبد الرحمن بن عوف، سميت بذلك؛ لأن عبد الرحمن اعتزل فيها ليالي الشورى حتى قضي الأمر، فباعها بنو عبد الرحمن من معاوية. قال عبد العزيز بن عمران: وكانت فيها الدواوين وبيت المال، ثم صيرها السفاح رحبة للمسجد.
"ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائم يخطب" بالمدينة "فاستقبل" الرجل "رسول الله -صلى الله عليه وسلم" حال كونه "قائما، ثم قال: يا رسول الله هلكت الأموال".
وفي رواية: المواشي، وهي المراد بالأموال هنا لا الصامت، وفي أخرى: هلك الكراع بضم الكاف، يطلق على الخيل وغيرها، وفي رواية: هلكت الماشية، هلك العيان هلك الناس، وهو من العام بعد الخاص، والمراد بهلاكهم عدم وجود ما يعيشون به من الأقوات المفقودة بحبس المطر "وانقطعت السبل" بضمتين جمع سبيل الطرق؛ لأن الإبل ضعفت لقلة القوت عن السفر، أو لأنها لا يجد في طريقها من الكلأ ما يقيم أودها، وقيل: المراد نفاد ما عند الناس من