كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

شريك: فسألت أنس بن مالك: أهو الرجل الأول؟ قال: لا أدري. رواه مسلم.
وفي رواية له قال: فما يشير بيده إلى ناحية إلا تفرجت، حتى رأيت المدينة في مثل الجوبة، وسال وادي قناة شهرا. ولم يجئ أحد من ناحية إلا أخبر بجود.
__________
"قال" أنس: "فانقطعت" أي: السماء أو السحابة الماطرة، أي: أمسكت عن المطر عن المدينة، وفي رواية مالك: فانجابت عن المدينة انجياب الثوب، أي: خرجت عنها كما يخرج الثوب عن لابسه، وفي رواية: فما هو إلا أن تكلم -صلى الله عليه وسلم- بذلك تمزق السحاب حى ما نرى منه شيئا، أي: في المدينة، وللبخاري: فجعل السحاب يتصدع عن المدينة، يريهم الله كرامة نبيه وإجابة دعوته "فخرجنا نمشي في الشمس".
"قال شريك" بن عبد الله بن أبي نمر: "فسألت أنس بن مالك" لما حدثه بهذا الحديث "أهو" أي: السائل الثاني "الرجل الأول؟ قال: لا أدري" مقتضى هذا أنه لم يجزم بالتغاير مع أنه عبر ثانية عنه بقوله: "رجل"، الظاهر في أنه غير الأول؛ لأن النكرة إذا تكررت دلت على التعدد، فالظاهر أن هذه القاعدة أغلبية؛ لأن أنسا من أهل اللسان وقد تعددت.
وللبخاري عن إسحاق وقتادة، وغيرهما عن أنس: فقام ذلك الرجل أو غيره، ومقتضاه أنه كان يشك فيه، وله عن يحيى بن سعيد، عن أنس: فأتى الرجل فقال: يا رسول الله، ولأبي عوانة عن حفص عن أنس: فما زلنا نمطر حتى جاء ذلك الأعرابي في الجمعة الأخرى، وأصله في مسلم، ومقتضاه الجزم بأنه واحد، فلعل أنسا كان يتردد تارة ويجزم أخرى باعتبار ما يغلب على ظنه كما أفاده الحافظ.
"رواه مسلم" من طريق إسماعيل بن جعفر عن شريك عن أنس، وكذا رواه البخاري من طريقه ومن طريق مالك، ومن طريق أبي ضمرة، ثلاثتهم عن شريك عن أنس، ول طرق عند البخاري أكثر من مسلم، فما هذا الإيهام من المصنف أنه تفرد به.
"وفي رواية له" لمسلم، وكذا البخاري هنا وفي الجمعة، كلاهما من طريق الأوزاعي عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس قال: أصابت الناس سنة على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فبينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب الناس على المنبر يوم الجمعة إذ قام أعرابي، فقال: يا رسول الله هلك المال وجاع العيال، وساق الحديث بمعناه.
وفيه "قال" أنس: "فما يشير" -صلى الله عليه وسلم- "بيده إلى ناحية" من السماء "إلا تفرجت" بفتح الفوقية والفاء والراء المشددة والجيم، أي: إلا تقطع السحاب وزال عنها امتثالا لأمره "حتى رأيت المدينة في مثل الجوبة" بجيم وموحدة كما يأتي "وسال وادي قناة" بفتح القاف والنون المخففة: واد من أودية المدينة عليه مزارع، والإضافة بيانية، أي: واد هو قناة، أي: مسمى بهذا

الصفحة 125