كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)
فحل بالروض نسجا رائق الحلل
زهر من النور حلت روض أرضهم ... زهرا من النور ضافي النبت مكتمل
من كل غصن نضير مورق خضر ... وكل نور نضيد مونق خضل
تحية أحيت الأحياء من مضر ... بعد الضرورة تروي السبل بالسبل
دامت على الأرض سبعا غير مقلعة ... لولا دعاؤك بالإقلاع لم تزل
__________
لكنه هنا بالتثقيل فقط للوزن "فحل" من الحلول، أي: ذلك المطر "بالروض" جمع روضة "نسجًا" مصدر في موضع الحال، أي: ناسجا "رائق" أي: معجب "الحلل" جمع حلة شبه ما يحدث عقب المطر من النبات المختلف ألوانه بالحلل "زهر" بيض مضيئة: جمع أزهر "من النور" أي الضوء، وكأنه إشارة إلى البرق "حلت" من التحلية تلك الزهر "روض أرضهم" مفعول أول، لحلت "زهرا" مفعول ثان لحلت على نزع الخافض، أي: بزهر -بإسكان الهاء وفتحها، ولكن يتعين السكون للوزن "من النور" بفتح النون "ضافي النبت:" واسعه وسابغه: وسكن ياء "ضافي" ضرورة والفتحة مقدرة فيها؛ لأنه صفة زهرا "مكتمل" تام بالجر، وحقه النصب؛ لأنه صفة زهرا باعتباره موضعه؛ لأن بنزع الخافض، فكأنه قال بزهر مكتمل كقول زهير:
بدا لي أني لست مدرك ما مضى ... ولا سابق شيئا إذا كان آتيا
كأنه قال: لست بمدرك ولا سابق "من كل غصن نضير" ناعم حسن "مورق خضر، وكل نور نضيد" متراكب، أي: منصود بعضه على بعض "مونق" معجب "خضل" بمعجمتين، ندي مبتل، أي: أنه ريان بذلك المطر، وقيل: الخضل الناعم، وقيل: النعمة وهو يرجع إلى المعنى الأول؛ لأن النبت إذا كان نديا فهو ناعم، وهذا البيت مرصع كله ومجنس تجنيس المضارعة، وهو الجمع بين ألفاظ متفرقة في أكثر حروفها وذلك نضير ونضيد ومورق ومونق وخضر وخضل "تحية" بالرفع على الابتداء، أي هل أوتلك الدعوة تحية من الحيا وهو المطر والنصب على معنى حيا ذلك المطر الأرض تحية جعله لما أسدى إليها من النضارة، كالمسلم عليها، أو أقام وقعه عليها مقام التحية والإحياء "أحيت الأحياء" القبائل جمع حي "من مضر" بن نزار بن معد بن عدنان "بعد الضرورة" الحاصلة لهم من الجدب "تروي السبل" بإسكان الباء للوزن وفيه الضم أيضا، الطرق جمع سبيل "بالسبل" بفتح السين المهملة والموحدة، المطر، أي: تروي تلك التحية الطرق بالمطر، وإذا رويت الطرق كانت المزارع، وأصول الشجر أكثر ريا لقبولها كل ما يرد عليها من الماء "دامت" آثار تلك التحية "على الأرض سبعا" من الأيام؛ لأنها بقيت من الجمعة إلى الجمعة "غير مقلعة" ممسكة عن المطر "لولا دعاؤك بالإقلاع" الإمساك "لم تزل" أي: استمرت ولم تقلع.