كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

إبطيه، وكان مما حفظ من دعائه:
"اللهم اسق بلدك وبهيمتك، وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت، اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مربعا طبقا واسعا، عاجلا غير آجل نافعا غير ضار، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرق ولا محق، اللهم اسقنا الغيث وانصرنا
__________
إبطيه، وأما على صفة اليدين في ذلك لما رواه مسلم عن ثابت عن أنس؛ أنه -صلى الله عليه وسلم- استسقى، فأشار بظهر كفيه إلى السماء، ولأبي داود عن أنس: كان يستسقي هكذا، ومد يديه وجل بطونهما مما يلي الأرض حتى رأيت بياض إبطيه.
قال النووي: قال العلماء: السنة في كل دعاء لرفع بلاء أن يرفع يديه جاعلا ظهور كفيه إلى السماء، وإذا دعا بسؤال شيء، وتحصيله أن يجعل بطون كفيه إلى السماء، وقال غيره: الحكمة في الإشارة بظهور الكفين في الاستسقاء دون غيره التفاؤل بتقلب الحال ظهر البطن، كما قيل في تحويل الرداء، أو هو إشارة إلى صفة المسؤول وهو نزول السحاب إلى الأرض. انتهى.
"فرفع يديه حتى رئي" براء مكسورة، فهمزة مفتوحة ممدودًا، وبضم الراء وكسر الهمزة "بياض إبطيه" وهو من خصائصه دون غيره.
قال أبو نعيم: بياض إبطيه من علامات نبوته "وكان مما حفظ" بالبناء للمفعول "من دعائه: "اللهم اسق" بوصل الهمزة وقطعها ثلاثي ورباعي "بلدك" أي: أهل بلدك "وبهيمتك" أي: جنسا.
قال المصباح: البهيمة كل ذات أربع من دواب البر والبحر، وكل حيوان لا يميز فهو بهيمة والجمع البهائم "وانشر رحمتك" ابسط مطرك ومنافعه على عبادك تلميح لقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ} [الشورى: 28] "وأحي بلدك الميت" بالتخفيف والتشديد التي لا نبات بها بالمطر تلميحا لقوله تعالى: {وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا} [ق: 11] الآية: "اللهم اسقنا غيثا" مطرا "مغيثا" لنا من هذه الشدة "مريئا" محمود العاقبة لا ضرر فيه "مربعا" بضم الميم وإسكان الراء وكسر الموحدة وعين مهملة أو بفوقية بدل الموحدة من رتعت الدابة إذا أكلت ما شاءت، أو هو بفتح الميم وكسر الراء وسكون التحتية ومهملة من المراعة وهي الخصب "طبقا" بفتحتين، أي: مستوعبا للأرض منطبقا عليها "واسعا" كالتأكيد لطبقا "عاجلا غير آجل، نافعا غير ضار" بزرع ولا مسكن ولا حيوان، آدمي أو بهيمة "اللهم سقيا" بضم السين "رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرق ولا محق" نقص وإذهاب بركة، وأتى بهذا وإن استفيد من نافعا غير ضار؛ لأنه مقام طلب من الجواد والمطلوب فيه الإطناب، والله

الصفحة 136