كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه
الرابع: استسقاؤه -صلى الله عليه وسلم- بالدعاء من غير صلاة.
عن ابن مسعود أن قريشا أبطؤوا عن الإسلام، فدعا عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخذتهم سنة حتى هلكوا فيها وأكلوا الميتة والعظام، فجاءه أبو سفيان فقال: يا محمد، جئت تأمر بصلة الرحم، وإن قومك هلكوا، فادع الله، فقرأ {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10] ، ثم عادوا إلى كفرهم، فذلك قوله تعالى: {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} [الدخان: 16] ، يوم بدر. زاد أسباط عن
__________
النبي -صلى الله عليه وسلم- ونفروا عنه من يريد الإسلام، وتجويز أنه قال البيت عقب الاستسقاء "وأبيض يستسقى الغمام بوجهه" أي: يطلب السقي من السحاب بذاته ثمال اليتامى عصمة للأرامل، فهذا صريح في أنه قاله عن مشاهدة، فكيف يقول الحافظ ذلك الاحتمال، ولذا تعجب منه شارح الهمزية، وقال: إنه غفل عن رواية ابن عساكر هذه إذ لو استحضرها لم يبد هذا الاحتمال.
"الرابع: استسقاؤه -صلى الله عليه وسلم- بالدعاء من غير صلاة":
"عن ابن مسعود أن قريشا أبطؤوا" أي: تأخروا "عن الإسلام" ولم يبادروا إليه فدعا عليهم رسول الله -صلى اله عليه وسلم" فقال: اللهم سبعا كسبع يوسف كما في البخاري، ونصب بفعل تقديره: أسألك، أو سلط وله في تفسير سورة يوسف: "اللهم اكفنيهم بسبع كسبع يوسف،" وفي تفسير الدخان: "اللهم أعني عليهم".. إلخ "فأخذتهم سنة" بفتحتين، أي: جدب وقحط "حتى هلكوا فيها وأكلوا الميتة والعظام".
زاد في رواية: ونظر أحدهم إلى السماء فيرى الدخان من الجوع "فجاءه أبو سفيان" صخر بن حرب الأموي والد معاوية "فقال: يا محمد جئت تأمر بصلة الرحم وإن قومك" ذوي رحمك "هلكوا" ولبعض الرواة: قد هلكوا، أي: بدعائك عليهم "فادع الله" لهم، فإن كشف عنا نؤمن بك "فقرأ {فَارْتَقِبْ} انتظر لهم {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} ، ثم عادوا إلى كفرهم" فابتلاهم الله تعالى بالبطشة "فذلك قوله تعالى: {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} يوم بدر" تفسير لها، وقيل: يوم القيامة، والعامل في يوم فعل دل عليه إنا منتقمون؛ لأن أن مانع من عمله فيما قبله، أو بدل من يوم تأتي.
قال الحافظ: ولم يقع في هذا السياق تصريح بأنه عاد لهم، لكن رواه البخاري في تفسير سورة ص، بلفظ: فكشف عنهم ثم عادوا، وفي سورة الدخان من وجه آخر بلفظ: فاستسقى لهم فسقوا، ونحوه في رواية: أسباط المعلقة، يعني قوله: "زاد أسباط:" بفتح الهمزة وسكون المهملة