كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)
الله فأجابك، فرفع يديه فقال: "اللهم اسقنا غيثا مغيثا". الحديث فظهر أن الرجل المبهم المقول له: "إنك لجريء" هو أبو سفيان.
لكن يظهر أن فاعل "قال: يا رسول الله استنصرت الله.. إلخ" هو كعب بن مرة راوي هذا الحديث، لما أخرجه أحمد أيضا والحاكم عن كعب بن مرة المذكور قال: "دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على مضر، فأتيته فقلت: يا رسول الله إن الله قد نصرك وأعطاك واستجاب لك، وإن قومك قد هلكوا". وعلى هذا: فكأن أبا سفيان وكعبا حضرا جميعا، فكلمه أبو سفيان بشيء، وكلمة كعب بشيء فدل ذلك على اتحاد قصتهما، وقد ثبت في هذه ما ثبت في تلك من قوله: "إنك لجريء" ومن قوله: "اللهم حوالينا ولا علينا". وسياق كعب بن مرة يشعر بأن ذلك وقع بالمدينة لقوله: "استنصرت الله فنصرك".
ولا يلزم من هذا اتحاد هذا القصة مع قصة أنس السابقة، فهي واقعة أخرى،
__________
"قال: يا رسول الله استنصرت الله فنصرك، ودعوت الله فأجابك" فلا عليك أن تدعو لهم بالسقي، وقوله: "ألمضر"، أي: أتطلب أن أستسقي لهم مع ما هم عليه من الكفر والمعاصي "فرفع يديه" بالتثنية "فقال: "اللهم اسقنا غيثا مغيثا".. الحديث" بقيته كما في الفتح: "مريعا مريئا، طبقا عاجلا غير رائث، نافعا غير ضار"، قال: فأحيوا، فما لبثوا أن أتوه، فشكوا إليه كثرة المطر، فقالوا: قد تهدمت البيوت، فرفع يديه فقال: "اللهم حوالينا ولا علينا"، فجعل السحاب يتقطع يمينا وشمالا "فظهر" بذلك "أن الرجل المبهم المقول له: إنك لجريء، هو أبو سفيان لكن يظهر" لي "أن فاعل قال: يا رسول الله استنصرت الله ... إلخ، هو كعب بن مرة راوي" هذا الحديث المذكور "لما أخرجه أحمد أيضا والحاكم عن كعب بن مرة" المذكور، ويقع في نسخ عن أبي بن كعب وهو غلط، فالذي في الفتح عن كعب "قال: دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على مضر، فأتيته، فقلت: يا رسول الله، إن الله نصرك وأعطاك واستجاب لك" دعاءك عليهم "وإن قومك قد هلكوا ... " الحديث.
"وعلى هذا فكأن أبا سفيان وكعبا حضرا جميعا، فكلمه أبو سفيان بشيء" هو: جئت تأمر صلة الرحم وأن قومك قد هلكوا "وكلمه كعب بشيء" هو: يا رسول الله.. إلخ.. "فدل ذلك على اتحاد قصتهما، وقد ثبت في هذه ما ثبت في تلك من قوله: "إنك لجريء"، ومن قوله: "اللهم حوالينا ولا علينا".
زاد الحافظ: فظهر بذلك أن أسباط بن نصر لم يغلط في الزيادة المذكورة ولم ينتقل من حديث إلى حديث "وسياق كعب بن مرة يشعر بأن ذلك وقع بالمدينة لقوله: استنصرت الله فنصرك؛" لأن كلا منهما كان بالمدينة بعد الهجرة "و" لكن "لا يلزم من هذا اتحاد هذه القصة