كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

عادم، وجوع كل جائع، وعري كل عار، وخوف كل خائف.
وفي رواية الزبير بن بكار: أن العباس لما استسقى به عمر قال: اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة، وقد توجه بي القوم إليك لمكاني من نبيك. وهذه أيدينا إليك بالذنوب، ونواصينا إليك بالتوبة، فاسقنا الغيث. فأرخت السماء مثل الجبال، حتى أخصبت الأرض وعاش الناس. وعنده أيضا: قحط الناس فقال عمر: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يرى للعباس ما يرى الولد للوالد فاقتدوا يا أيها الناس برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في عمه العباس، فاتخذوه وسيلة إلى الله. وفيه فما برحوا حتى سقوا، وفي ذلك يقول العباس بن عتبة بن أبي لهب:
__________
نشكو إليك سغب" بفتح المهملة والمعجمة وموحدة جوع "كل ساغب" جائع مع التعب، أو أراد العطش؛ لأنه قد يسمى سغبا "وعدم كل عادم وجوع كل جائع" وإن لم يكن مع تعب فلا تكرار؛ لأن السغب أخص أو أريد بالسغب العطش كما رأيت "وعري كل عار وخوف كل خائف".
"وفي رواية الزبير بن بكار" في كتاب الأنساب: "أن العباس لما استسقى به عمر قال: اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة، وقد توجه بي القوم إليك لمكاني" قربي "من نبيك، وهذه أيدينا إليك بالذنوب، ونواصينا إليك بالتوبة، فاسقنا الغيث" المطر "فأرخت السماء" مطرا "مثل الجبال" من كثرته "حتى أخصبت الأرض وعاش الناس وعنده" أي الزبير بن بكار "أيضا" عن ابن عمرة، قال: "قحط الناس:" بفتحات أصابهم القحط.
"فقال عمر: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يرى للعباس ما يرى الولد للوالد" من التعظيم البالغ، وعند ابن حبان والحاكم عن عمر زيادة يعظمه ويفخمه ويبر قسمه "فاقتدوا أيها الناس برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في عمه العباس فاتخذوه وسيلة إلى الله، وفيه" أي: الحديث "فما برحوا حتى سقوا" لفظ الرواية: حتى سقاهم الله.
قال الحافظ: ويستفاد من هذه القصة استحباب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهل بيت النبوة، وفيه فضل العباس وفضل عمر لتواضعه للعباس ومعرفته بحقه.
وفي البخاري عن أنس: أن مر كان إذا قحطوا استسقى بالعباس فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا، قال: فيسقون "وفي ذلك يقول العباس بن عتبة" بضم المهملة وإسكان الفوقية وموحدة "ابن أبي لهب" الهاشمي وأبوه صحابي:

الصفحة 152