كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)
هذا المقصد.
وعن أنس بن مالك قال: صليت الظهر مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة أربعا، وخرج يريد مكة فصلى بذي الحليفة العصر ركعتين. رواه البخاري ومسلم.
وهذا الحديث مما احتج به أهل الظاهر في جواز القصر في طويل السفر وقصيره، فإن بين المدينة وذي الحليفة ستة أميال، ويقال: سبعة.
وقال الجمهور: لا يجوز القصر إلا في سفر يبلغ مرحلتين، وقال أبو حنيفة وطائفة شرطه ثلاث مراحل، واعتمدوا في ذلك آثارا عن الصحابة.
وأما هذا الحديث فلا دلالة فيه لأهل الظاهر؛ لأن المراد أنه -صلى الله عليه وسلم- حين سافر إلى مكة في حجة الوداع صلى الظهر بالمدينة أربعا ثم سافر، فأدركته العصر وهو مسافر بذي الحليفة، فصلاها ركعتين. وليس المراد أن ذا الحليفة غاية سفره، فلا
__________
أو عزيمة، وما استدل به لكل من القولين في أوائل هذا المقصد" فأغنى عن إعادته.
"وعن أنس بن مالك قال: صليت الظهر مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة أربعا" أي: أربع ركعات "وخرج يريد مكة فصلى بذي الحليفة" بضم المهملة وفتح اللام "العصر ركعتين، رواه البخاري ومسلم".
وفي رواية لهما عن أنس: صليت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الظهر بالمدينة أربعا، وصليت معه العصر بذي الحليفة ركعتين "وهذا الحديث ما احتج به أهل الظاهر في" أي: على "جواز القصر في طويل السفر وقصيره، فإن بين المدينة وذي الحليفة ستة أميال، ويقال: سبعة" بسين فموحدة.
"وقال الجمهور: لا يجوز القصر إلا في سفر يبلغ مرحلتين، وقال أبو حنيفة: وطائفة شرطه ثلاث مراحل واعتمدوا في ذلك آثارا عن الصحابة"، وأقوى ما تملكوا به حديث ابن عمر: لا تسافر المرأة ثلاث أميال إلا مع ذي محرم، قالوا: فما نقص عنها ليس بسفر، وتعقب بأن الحديث لم يسق لبيان مسافة القصر، بل لنهي المرأة عن الخروج وحدها، ولذلك اختلفت ألفاظه، وأقل ما ورد منها لفظ بريد، وبأن قاعدة الحنفية الاعتبار بما رأى الصحابي لا بما روى وابن عمر قصر في مسيرة يوم تام كما في الموطأ، فلو كان الحديث عنده لبيان أقل مسافة القصر لما خالفه.
"وأما هذا الحديث فلا دلالة فيه لأهل الظاهر؛ لأن المراد أنه -صلى الله عليه وسلم- حين سافر إلى مكة في حجة الوداع صلى الظهر بالمدينة أربعا، ثم سافر فأدركته العصر وهو مسافر بذي