كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)
دلالة فيه قطعا. والأحاديث المطلقة مع ظاهر القرآن متعاضدان على جواز القصر من حين يخرج من البلد، فإنه حينئذ يسمى مسافرا.
وطويل السفر ثمانية وأربعون ميلا هاشمية، وهي ستة عشر فرسخا، وهي أربعة برد. والميل من الأرض منتهى مد البصر؛ لأن البصر يميل عنه على وجه الأرض حتى يفنى إدراكه. وبذلك جزم الجوهري. وقيل: حده أن تنظر إلى الشخص في أرض مصطحبة فلا تدري أهو رجل أو امرأة. أو آت.
قال النووي: الميل ستة آلاف ذراع، والذراع أربعة وعشرون أصبعا معترضة معتدلة، وقد حرره غيره بذراع الحديد المستعمل الآن بمصر والحجاز في هذه
__________
الحليفة فصلاها ركعتين، وليس المراد أن ذا الحليفة غاية سفره فلا دلالة فيه قطعا" ولعل وجه تمسكهم بالحديث أنه قصر قبل سير أربعة برد وإلا فكيف يسوغ الاستدلال مع تصريحه بأنه خرج يريد مكة.
"والأحاديث المطلقة مع ظاهر القرآن متعاضدان على جواز القصر من حين يخرج من البلد، فإنه حينئذ يسمى مسافرا" فسفره -صلى الله عليه وسلم- انعقد بمجاوزته المدينة لقصده مكة وبينهما أيام عديدة "وطويل السفر ثمانية وأربعون ميلا هاشمية" نسبة لبني هاشم، لتقديرهم لها وقت خلافتهم لا لهاشم نفسه، كما وقع للرافعي قاله شارح البهجة "وهي ستة عشر فرسخا" فارسي معرب، قاله الفراء وهو ثلاثة أميال "وهي أربعة برد" بضم الموحدة والراء وتسكن "والميل من الأرض منتهى مد البصر" فيه مسامحة؛ لأن هذا غاية الميل، ولذا قال القاموس: الميل قدر مد البصر سمي ميلا؛ "لأن البصر يميل عنه على وجه الأرض حتى يفنى" أي ينتهي "إدراكه، وبذلك جزم الجوهري، وقيل: حده أن تنظر" أي: نطرك، لكن الميل ليس نفس النظر، فإما أنه أطلق الأثر على المؤثر، أو أنه على حذف مضاف، أي: أثر نظرك "إلى الشخص في أرض مصطحبة" مستوية "فلا تدري أهو رجل أو امرأة أو ذاهب أو آت، قال النووي: الميل ستة آلاف ذراع، والذراع أربعة وشرون أصبعا معترضة معتدلة" والأصبع ست شعيرات معترضة معتدلة. انتهى.
قال الحافظ: وهذا الذي قاله هو الأشهر، ومنهم من عبر عن ذلك باثني عشر ألف قدم بقدم الإنسان، وقيل: هو أربعة آلاف ذراع، وقيل: ثلاثة آلاف ذراع، ذكره صاحب البيان وقيل: وخمسمائة صححه ابن عبد البر، وقيل: هو ألفا ذراع، ومنهم من عبر عن ذلك بألف خطوة للجمل "و" هذا الذراع الذي حرره النووي "قد حرره غيره بذراع الحديد المستعمل الآن بمصر والحجاز في هذه الأعصار فوجده ينقص عن ذراع الحديد بقدر الثمن، فعلى هذا