كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

ثم بعد أن استقر فرض الرباعية خفف منها في السفر عند نزول قوله تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} [النساء: 101] ويؤيده ما ذكره ابن الأثير في شرح المسند أن قصر الصلاة كان في السنة الرابعة من الهجرة، وقيل: كان قصر الصلاة في ربيع الآخر من السنة الثانية. ذكره الدولابي، وقيل: بعد الهجرة بأربعين يوما.
الفرع الثاني: في القصر مع الإقامة
عن أنس قال: خرجنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- من المدينة إلى مكة، فكان يصلي
__________
وقال الحافظ: الذي يظهر لي وبه يجمع بينهما أن الصلاة فرضت ليلة الإسراء ركعتين ركعتين إلا المغرب، ثم زيدت بعد الهجرة إلا الصبح، كما روي ابن خزيمة وابن حبان والبيهقي عن عائشة، قالت: فرضت صلاة الحضر والسفر ركعتين ركعتين، فلما قدم -صلى الله عليه وسلم- المدينة واطمأن زيد في صلاة الحضر ركعتان ركعتان، وتركت صلاة الفجر لطول القراءة وصلاة المغرب؛ لأنها وتر النهار، وعقب الحافظ هذا بقوله: "ثم بعد أن استقر فرض الرباعية خفف منها في السفر عند نزول قوله تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ} ويؤيده ما ذكره ابن الأثير في شرح المسند" للإمام الشافعي: "أن قصر الصلاة كان في السنة الرابعة من الهجرة".
قال الحافظ: وهو مأخوذ من قول غيره أن نزول آية الخوف كان فيها "وقيل: كان قصر الصلاة في ربيع الآخر من السنة الثانية" بالنون "ذكره الدولابي" بفتح الدال أفصح من ضمها، زاد الحافظ وأورده السهيلي بلفظ بعد الهجرة بعام أو نحوه "وقيل: بعد الهجرة بأربعين يوما".
قال الحافظ: فعلى هذا، فقول عائشة: فأقرت صلاة السفر، أي: باعتبار ما آل إليه الأمر من التخفيف؛ لأنها استمرت منذ فرضت، فلا يزم من ذلك أن القصر عزيمة، قال: وأما قول الخطابي وغيره أن قول عائشة غير مرفوع وأنها لم تشهد فرض الصلاة ففيه نظر، أما أولا فهو مما لا مجال للرأي فيه فله حكم الرفع، وأما ثانيا فعلى تقدير تسليم أنها لم تدرك القصة يكون مرسل صحابي، وهو حجة لاحتمال أنها أخذته عن النبي -صلى الله عليه وسلم، أو عن صحابي أدرك ذلك، وقول إمام الحرمين: لو ثبت لنقل متواترا فيه نظر؛ لأن التواتر في مثل هذا غير لازم. انتهى.
"الفرع الثاني: في القصر مع الإقامة: عن أنس قال: خرجنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- من المدينة إلى مكة" أي: إلى الحج، كما في رواية مسلم "فكان يصلي ركعتين ركعتين"

الصفحة 157