كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

الفرع الثاني: في جمعه -صلى الله عليه وسلم- بجمع ومزدلفة
عن ابن عمر: أنه صلى الله عليه وسلم- صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعا. رواه البخاري ومسلم ومالك وأبو داود. زاد البخاري في رواية: كل واحدة منهما بإقامة ولم يسبح بينهما.
ولمسلم: جمع بين المغرب والعشاء بجمع، وصلى المغرب ثلاث ركعات، وصلى العشاء ركعتين.
__________
أن بعض الضعفاء أدخله على قتيبة، حكاه الحاكم وله طريق آخر عند أبي داود من رواية هشام بن سعد عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل، عن معاذ وهشام مختلف فيه، وقد خالفه الحفاظ من أصحاب أبي الزبير كمالك وسفيان الثوري وقرة بن خالد وغيرهم، فلم يذكروا في روايتهم جمع التقديم، وبه احتج من أباه، وجاء فيه حديث آخر عن ابن عباس مرفوعا بنحوه عند أحمد وفيه راو ضعيف، وله شاهد بنحوه عند البيهقي عن ابن عباس برجال ثقات إلا أنه مشكوك في رفعه والمحفوظ وقفه، وقد قال أبو داود: ليس في تقديم الوقت حديث قائم.
"الفرع الثاني: في جمعه -صلى الله عليه وسلم- بجمع" أي: عرفة، قال المجد: الجمع كالمنع تأليف المتفرق، ثم قال: ويوم جمع يوم عرفة "ومزدلفة" وتسمى جمعا أيضا لاجتماع آدم وحواء بها لما أهبطا أو لغير ذلك، وهي أشهر في التسمية بجميع من عرفه.
"عن ابن عمر أنه -صلى الله عليه وسلم- صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعا" أي: جمع بينهما جمع تأخير، كما دل على ذلك روايات أخر منها التي تليها، وإن كان ليس في اللفظ من حيث هو ما يدل عليه؛ لأن جميعا تأكيد لصلى بالمزدلفة، فأما جمعهما فلا يدل عليه، وإن كان الواقع أنه جمع بينهما للروايات الأخر؛ ولأنه إنما نفر من عرفة بعد الغروب، فلا يمكن أن يصل المزدلفة قبل العشاء "رواه البخاري" من طريق ابن أبي ذئب "ومسلم" عن يحيى، عن مالك "ومالك" في الموطأ "وأبو داود" عن القعنبي، عن مالك، وهو وابن أبي ذئب عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه.
"زاد البخاري في رواية" لهذا الحديث: "كل واحد منهما بإقامة ولم يسبح بينهما" أي: لم ينتفل لإخلاله بالجمع الذي يجعلهما كصلاة واحدة فوجب الولاء كركعات الصلاة، ولولا اشتراط الولاء لما ترك -صلى الله عليه وسلم- الرواتب "ولمسلم" أن النبي -صلى الله عليه وسلم- "جمع بين المغرب والعشاء بجمع" بفتح الجيم وإسكان الميم، أي: المزدلفة "وصلى المغرب ثلاث ركعات وصلى العشاء ركعتين" قصرا.

الصفحة 164