كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

ركعات الفرض، فيكون كناية عن نفي الإتمام، والمراد به الإخبار عن المداومة على القسر، ويحتمل أن يريد: لا يزيد نفلا، ويحتمل أن يريد ما هو أعم من ذلك.
وفي رواية مسلم: صحبت ابن عمر في طريق مكة، فصلى لنا الظهر ركعتين، ثم أقبل وأقبلنا معه، حتى جاء رحله فجلس وجلسنا معه، فحانت منه التفاتة فرأى ناسا قيامًا، فقال: ما يصنع هؤلاء؟ قلت: يسبحون، فقال: لو كنت مسبحا لأتممت.
قال النووي: وأجابوا عن قول ابن عمر هذا بأن الفريضة متحتمة، فلو شرعت تامة لتحتم إتمامها، وأما النافلة فهي إلى خيرة المصلي، فطريق الرفق به أن تكون مشروعة، ويخير فيها. انتهى.
__________
الفرض فيكون كناية عن نفي الإتمام، والمراد به الإخبار عن المداومة على القصر" للرباعية "ويحتمل أن يريد لا يزيد نفلا، ويحتمل أن يريد ما هو أعم من ذلك" الشامل للقصر وترك التنفل.
"وفي رواية مسلم" ما يدل على الثاني، فإنه أخرجه من الوجه الذي أخرجه البخاري منه، ولفظه عن عيسى بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، عن أبيه قال: "صحبت ابن عمر" يعني: عمه عبد الله "في طريق مكة فصلى لنا" باللام "الظهر ركعتين، ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جاء رحله" أي: وصل منزله "فجلس وجلسنا معه فحانت" أي: وقعت "منه التفاتة" بلا قصد "فرأى ناسا قياما، فقال: ما يصنع هؤلاء؟، قلت: يسبحون" أي: يتنفلون "فقال: لو كنت مسبحا لأتممت" صلاتي يا ابن أخي ولم أقصر.
قال المازري: وبيان الملازمة أن القصر شرع تخفيفا، فلو شرعت النافلة فيه لكان إتمام الفرض أولى، وحتج ابن عمر لما قال بقوله: صحبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم، فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله إلى آخر ما قدمته، وذهب الجمهور إلى استحباب النوافل في السفر للأحاديث المطلقة في ندب الرواتب.
"قال النووي: وأجابوا عن قول ابن عمر هذا" أي: لو كنت.. إلخ "بأن الفريضة متحتمة، فلو شرعت تامة لتحتم إتمامها" أي: وجب فيعصي بتركه "وأما النافلة فهي إلى خيرة المصلي" إن شاء صلى وأثيب، وإن شاء ترك ولا شيء عليه "فطريق الرفق به أن تكون مشروعة وبخير فيها. انتهى".

الصفحة 167