كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)
وفي رواية: يصلي وهو مقبل من مكة إلى المدينة حيث كان وجهه وفيه نزلت: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [البقرة: 115] .
وفي رواية: رأيته -صلى الله عليه وسلم- يصلي على حمار وهو موجه إلى خيبر.
وفي رواية: أنه كان يوتر على البعير، رواه مسلم.
وقد أخذ بهذه الأحاديث فقهاء الأمصار، في جواز التنفل على الراحلة في السفر حيث توجهت، إلا أن أحمد وأبا ثور كانا يستحبان أن يستقبل المصلي القبلة بالتكبير حال ابتداء الصلاة. والحجة لذلك ما في حديث أنس عند أبي داود أنه -صلى الله عليه وسلم- كان إذا أراد أن يتطوع في السفر استقبل بناقته القبلة، ثم صلى حيث
__________
الراكب لا يترك مركوبه هملا يسير كيف اتفق فصوب طريقه بدل من القبلة.
"وفي رواية" عن سعيد بن جبير عن ابن عمر، قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم "يصلي وهو مقبل من مكة إلى المدينة" على الراحلة "حيث كان وجهه، قال: وفيه نزلت: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} وقيل: لما حولت القبلة وأنكرت اليهود، وقيل: غير ذلك.
قال الرازي: فإن قيل: أي الأقوال أقرب إلى الصواب، فالجواب أن الآية تشعر بالتخيير وإنما يثبت في صورتين إحدهما في التطوع على الراحلة، والثانية في السفر عند تعذر الاجتهاد في الظلمة أو غيرها، ففي هذين الوجهين المصلي مخير.
"وفي رواية" عن عمرو بن يحيى المازني عن سعيد بن يسار، عن ابن عمر قال: "رأيته -صلى الله عليه وسلم- يصلي على حمار وهو موجه" بكسر الجيم المشددة، أي: متوجه "إلى خيبر" بخاء مجمة آخره راء مهملة، أو قاصد أو مقابل بوجهه إليها.
"وفي رواية" عن سعيد بن يسار عن ابن عمر: "أنه" صلى الله عليه وسلم "كان يوتر" يصلي الوتر "على البعير" في السفر، وإنما يجب الوتر عليه بالحضر وعلى وجوبه عليه مطلقا، فمن خصائصه أيضا فعله على البعير "رواه" أي: المذكور من الروايات الأربع "مسلم" والأخيرة رواها البخاري بلفظها والأولى والثانية عنده بنحوهما، وإنما من أفراده الثالثة.
"وقد أخذ بهذه الأحاديث فقهاء الأمصار في جواز التنفل على الراحلة في السفر حيث توجهت" سواء كان إلى القبلة أو غيرها، فصوبها بدل لا يجوز العدول عنه إلا إلى القبلة "إلا أن أحمد وأبا ثور" إبراهيم بن خالد الفقيه "كانا يستحبان أن يستقبل المصلي القبلة بالتكبير حال ابتداء الصلاة" كذا خصهما تبعا للفتح مع أن الشافعية اشترطوا الاستقبال في الإحرام إن سهل كما في البهجة وشرحها "والحجة لذلك ما في حديث أنس عند أبي داود" بإسناد حسن؛ "أنه -صلى الله عليه وسلم- كان إذا أراد أن يتطوع في السفر استقبل بناقته القبلة، ثم صلى حيث