كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)
توجهت ركابه.
وذهب الجمهور إلى جواز التنفل على الدابة سواء كان السفر طويلا أو قصيرا، إلا مالكا فخصه بالسفر الطويل، وحجته أن هذه الأحاديث إنما وردت في أسفاره -صلى الله عليه وسلم، ولم ينقل عنه أنه -صلى الله عليه وسلم- سافر سفرا قصيرا فصنع ذلك. وحجة الجمهور مطلق الأخبار في ذلك.
وقوله: "يصلي على حمار"، قال النووي: قال الدارقطني وغيره: هذا غلط من عمرو بن يحيى المازني، وإنما المعروف في صلاته -صلى الله عليه وسلم- على راحلة أو بعير. والصواب أن الصلاة على الحمار من فعل أنس كما ذكره مسلم. ثم قال: في
__________
توجهت ركابه" أي: إلى جهة قصده الذي وجهها إليه.
"وذهب الجمهور إلى جواز التنفل على الدابة سواء كان السفر طويلا أو قصيرا إلا مالكا فخصه بالسفر الطويل" وهو سفر القصر "وحجته أن هذه الأحاديث إنما وردت في أسفاره -صلى الله عليه وسلم- ولم ينقل عنه أنه -صلى الله عليه وسلم- سافر سفرا قصيرا فصنع ذلك" فيقصر على مورد النص ولا يتعداه إلى القصير؛ لأن الأصل استقبال القبلة، خص منه ذلك بالفعل النبوي فبقي ما عداه على الأصل.
"وحجة الجمهور مطلق الأخبار في ذلك؛" لأنها ليس فيها تحديد سفر ولا تخصيص مسافة، فشملت كل ما يسمى سفرا، لكن حصول الفعل النبوي في الطويل قاض لمالك.
"وقوله: يصلي على حمار، قال النووي: قال الدارقطني وغيره" كالنسائي "هذا غلط من عمرو" بفتح العين "ابن يحيى المازني، وإنما المعروف" في حديث ابن عمر "في صلاته عليه السلام" لفظ "على راحلته" كما في الصحيحين لمسلم على ناقته "أو" على "بعير" كما في رواية أخرى لهما فليست، أو للشك من الراوي كما يوهم "والصواب أن الصلاة على الحمار من فعل أنس كما ذكره" أي: رواه "مسلم" وكذا البخاري عن أنس.
قال ابن سيرين: تلقينا أنس بن مالك حين قدم من الشام، فرأيته يصلي على حمار ووجهه ذلك الجانب، يعني عن يسار القبلة، فقلت له: رأيتك تصلي لغير القبلة، قال: لولا ني أيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعله لم أفعله.
قال الحافظ: هل يؤخذ منه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى على حمار، فيه احتمال نازع فيه الإسماعيلي بأنه خبر أنس إنما هو في صلاته -صلى الله عليه وسلم- راكبا تطوع لغير القبلة، فإفراد البخاري الترجمة في الحمار من جهة السنة لا وجه له عندي. انتهى، أي: بقوله: باب صلاة التطوع على الحمار، وساق حديث أنس المذكور، لكن قال الحافظ: قد روى السراج من طريق يحيى بن سعيد عن