كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)
تغليط راويه؛ لأنه ثقة نقل شيئا محتملا، فلعله كان الحمار مرة والبعير مرة أو مرات، لكن قد يقال: إنه شاذ مخالف لرواية الجمهور، والشاذ مردود. انتهى.
وعن يعلى بن مرة عن أبيه عن جده، أنهم كانوا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في مسيره فانتهوا إلى مضيق فحضرت الصلاة فمطروا، السماء من فوقهم والبلة من أسفلهم، فأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو على راحلته، فصلى بهم يومئ إيماء، يجعل السجود أخفض من الركوع. رواه الترمذي.
__________
أنس، أنه رأى النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي على حمار وهو ذاهب إلى خيبر إسناده حسن وله شاهد عند مسلم، فذكر حديثه هذا ثم قال: فهذا يرجح الاحتمال الذي أشار إليه البخاري. "ثم قال" النووي "وفي تغليط راويه نظر؛ لأنه ثقة نقل شيئا محتملا، فلعله كان الحمار مرة والبعير مرة أو مرات" فحدث ابن عمر بكل منهما "لكن قد يقال: إنه شاذ مخالف لرواية الجمهور والشاذ مردود" وإن كان راويه ثقة. "انتهى" كلام النووي، لكن أشار الحافظ إلى دفع الشذوذ بأن عمرو بن يحيى تابعه في شيخ شيخه أنس عند السراج بإسناد حسن كما رأيت، وكذا تابعه شقران، قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متوجها إلى خيبر على حمار يصلي عليه، أخرجه الطبراني.
"وعن يعلى بن مرة" بن وهب بن جابر الثقفي شهد الحديبية وما بعدها وأبوه مرة يقال: إن له صحبة، فإن ثبت الإسناد كما في التقريب فالصواب حذف قوله "عن أبيه عن جده" إذ لا صحبة لجده قطعا، والحديث إنما هو ليعلى نفسه كما قدمه المصنف في المقصد الأول "أنهم كانوا" أي: الصحابة "مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في مسيره، فانتهوا إلى مضيق:" محل ضيق في الطريق "فحضرت الصلاة فمطروا السماء" أي: المطر "من فوقهم والبلة" بكسر الموحدة: البلل "من أسفلهم، فأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو على راحلته" ناقته الصالحة؛ لأن يرحل عليها "فصلى بهم يومئ" بالهمز "إيماء يجعل السجود" أي: الإيماء له "أخفض من" إيماء "الركوع" تمييزا بينهما وليكون البلد على وفق الأصل "رواه الترمذي" هكذا في النسخ الصحيحة خلاف ما في نسخ البيهقي، والصواب الترمذي كما مر في المقصد الأول، ومر أن بعض الناس تعلق بقوله: فأذن على أنه -صلى الله عليه وسلم- أذن بنفسه، وأن الحافظ تبعا للسهيلي رده بأن أحمد رواه من الوجه الذي رواه منه الترمذي، فقال: فأمر بلالا فأذن، فعلم أن في رواية الترمذي اختصارا وأن قوله: "أذن" معناه أمر؛ لأن المفصل يقضي على المجمل لا سيما والمخرج متحد.