كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

بالسجود، فسجدوا ثم سلم النبي -صلى الله عليه وسلم- وسلمنا جميعًا.
ولمسلم والبخاري أيضا من حديث يزيد بن رومان عن صالح بن خوات عمن صلى معه -صلى الله عليه وسلم- يوم ذات الرقاع صلاة الخوف: أن طائفة صفت معه، وطائفة وجاه العدو، فصلى بالتي معه ركعة ثم ثبت قائما، وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته، ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم، ثم سلم بهم.
قال مالك: وذلك أحسن ما سمعت في صلاة الخوف.
__________
المؤخر بالسجود، فسجدوا ثم سلم النبي -صلى الله عليه وسلم- وسلمنا جميعا" عقبه، وهذه صفة غير السابقة، صلاها مقصورة وصلوا جميعا معه، وكان العصر كما في رواية تلي هذه عند مسلم.
"ولمسلم" هنا "والبخاري أيضا" في المغازي، كلاهما "من حديث" مالك عن "يزيد بن رومان" بضم الراء المدني مولى آل الزبير، مات سنة ثلاثين ومائة "عن صالح بن خوات" بفتح الخاء المعجمة والواو المشددة فألف ففوقية ابن جبير بن النعمان الأنصاري المدني، تابعي، ثقة وأبوه صحابي أول مشاهده أحد، وقيل: شهد بدر "عمن صلى معه -صلى الله عليه وسلم" قيل: هو سهل بن أبي حثمة.
قال الحافظ: والراجح أنه أبوه كما جزم به النووي في تهذيبه تبعا للغزالي، وذلك لأن أبا أويس رواه عن يزيد شيخ مالك، فقال عن صالح، عن أبيه: ويحتمل أن صالحا سمعه من أبيه ومن سهل فأبهمه تارة، وعينه أخرى، لكن قوله: "يوم ذات الرقاع" يعين أن المبهم أبوه، إذ ليس في روايته عن سهل أنه صلاها معه -صلى الله عليه وسلم، ويؤيده أن سهلا لم يكن في سن من يخرج في الغزاة لصغره؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- مات وهو ابن ثمان سنين، كما جزم به الطبري وابن حبان وابن السكن وغيرهم، لكن لا يلزم أن لا يرويها، فروايته لها مرسل صحابي، فقوي تفسير المبهم بخوات "صلاة الخوف، أن طائفة صفت" هكذا في أكثر الأصول، وفي بعضها: صلت.
قال النووي: وهما صحيحتان "معه" صلى الله عليه وسلم "و" صفت "طائفة" بالرفع، أي: اصطفوا، يقال: صف القوم إذا صاروا صفا "وجاه" بكسر الواو وضمها، أي: مقابل "العدو، فصلى بالتي معه ركعة، ثم ثبت" حال كونه "قائما وأتموا" أي: الذين صلوا معه الركعة "لأنفسهم" ركعة أخرى "ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى" التي كانت وجاء العدو "فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته، ثم ثبت جالسا" لم يخرج من صلاته "وأتموا لأنفسهم" الركعة الأخرى "ثم سلم بهم، قال مالك: وذلك أحسن ما سمعت في صلاة الخوف، وما ذهب إليه

الصفحة 176