كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

وما ذهب إليه مالك من ترجيح هذه الكيفية وافقه الشافعي وأحمد علي ترجيحها لسلامتها من كثرة المخالفة، ولكونها أحوط لأمر الحرب.
وعن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، قال: غزوت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل نجد، فوازينا العدو، فصاففنا لهم، فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي بنا، فقامت طائفة معه، وأقبلت طائفة على العدو، وركع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن معه، وسجد سجدتين،
__________
مالك من ترجيح هذه الكيفية وافقه الشافعي وأحمد على ترجيحها لسلامتها من كثرة المخالفة ولكونها أحوط لأمر الحرب" إلا أن مالكا رجع عن إتمامهم لأنفسهم، ثم سلام الإمام بهم إلى ما رواه هو وغيره عن يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن صالح بن خوات، عن سهل بن أبي حثمة: أن الطائفة الأولى إذا قام الإمام يتمون لأنفسهم، ثم يسلمون وينصرفون، ثم تأتي الأخرى فيصلي بهم الركعة ويسجد بهم، ثم يسلم فيقومون فيركعون الركعة ثم يسلمون.
قال ابن عبد البر: وإنما اختاره ورجع إليه للقياس على سائر الصلوات أن الإمام لا ينتظر المأموم، وأن المأموم إنما يقضي بعد سلام الإمام.
"و" في الصحيحين واللفظ للبخاري من طريق الزهري "عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه قال: غزوت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل" بكسر القاف وفتح الموحدة، أي: جهة "نجد" وفي غزوة ذات الرقاع ونجد كل ما ارتفع من بلاد العرب من تهامة إلى العراق "فوازينا" بالزاي قابلنا "العدو" قال الجوهري: يقال: آزيت، يعني بهمزة ممدودة لا بالواو، والذي يظهر أن أصلها الهمز، فقلبت واوا قاله الحافظ: "فصاففنا لهم" باللام، كذا رواه المستملي والسرخسي، ولغيرهما: فصاففناهم "فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي لنا" أي: لأجلنا أو بنا "فقامت طائفة معه" زاد في رواية تصلي "وأقبلت طائفة على العدو وركع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن معه وسجد سجدتين" زاد عبد الرزاق عن ابن جريج عن الزهري: مثل نصف صلاة الصبح، وفيه إشارة إلى أنها كانت غيرها فهي رباعية، ويأتي في المغازي ما يدل على أنها كانت العصر، قاله الحافظ: "ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصل" فقاموا في مكانهم في وجه العدو "فجاؤوا" أي: الطائفة الأخرى التي كانت تحرس "فركع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بهم ركعة وسجد سجدتين ثم سلم، فقام كل واحد منهم فركع لنفسه ركعة وسجد سجدتين".
قال الحافظ: لم تختلف الطرق عن ابن عمر في هذا، فظاهره أنهم أتموا في حالة واحدة، ويحتمل أنهم أتموا على التعاقب وهو الراجح من حيث المعنى، وإلا فيستلزم ضياع الحراسة المطلوبة وإفراد الإمام وحده، ويرجحه رواية أبي داود عن ابن مسعود، بلفظ: ثم سلم فقام هؤلاء،

الصفحة 177