كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

جالس عند حجرة عائشة، وإذا الناس في المسجد يصلون صلاة الضحى، فسألناه عن صلاتهم فقال: بدعة.
وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن الحكم بن الأعرج قال: سألت ابن عمر عن صلاة الضحى فقال: بدعة ونعمت البدعة.
وروى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن سالم عن أبيه قال: لقد قتل عثمان وما أحد يسبحها، وما أحدث الناس شيئًا أحب إلي منها.
قلت: وقد جمع العلماء بين هذه الأحاديث، بأنه -صلى الله عليه وسلم- كان لا يداوم على صلاة الضحى مخافة أن تفرض على أمته فيعجزوا عنها، وكان يفعلها كما صرحت به عائشة كا تقدم، وكما ذكرته أم هانئ وغيرها.
وقول عائشة: "ما رأيته صلاها" لا يخالف قولها: "كان يصليها"؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- كان لا يكون عندها في وقت الضحى إلا في النادر من الأوقات؛ لأنه قد يكون مسافرا، وقد يكون حاضرا، وفي الحضر قد يكون في المسجد، وقد يكون في
__________
"وروى" عنه سعيد بن منصور بإسناد صحيح "عن مجاهد قال: دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا ابن عمر جالس عند حجرة عائشة، وإذا الناس في المسجد يصلون صلاة الضحى فسألناه عن صلاتهم فقال: بدعة" أي حسنة، بدليل ما قبله وما بعده، ويأتي للمصنف قريبا ثلاث محامل في تسميتها بدعة.
"وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن الحكم بن" عبد الله بن إسحاق بن "الأعرج" فنسب لجد أبيه البصري ثقة من رجال مسلم. "قال: سألت ابن عمر عن صلاة الضحى فقال: بدعة" حسنة لقوله: "ونعمت البدعة"؛ لأنها تجمع المحاسن كلها.
"وروى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن سالم، عن أبيه قال: لقد قتل عثمان وما أحد يسبحها" أي يصلي الضحى "وما أحدث الناس شيئا أحب إلي منها"؛ لأنها عبادة "قلت: وقد جمع العلماء بين هذه الأحاديث" بالنفي والإثبات "بأنه -صلى الله عليه وسلم- كان لا يداوم على صلاة الضحى مخافة أن تفرض على أمته فيعجزوا عنها" بكسر الجيم مضارع عجز يفتحها "وكان يفعلها كما صرحت به عائشة كما تقدم، وكما ذكرته أم هانئ" وحديثها أصح شيء ورد في الباب كما نقله الترمذي عن أحمد "وغيرها" من الصحابة الذين عددهم آنفا. "وقول عائشة: ما رأيته صلاها لا يخالف قولها: كان يصليها" أربعا ويزيد ما شاء الله؛ "لأنه -صلى الله عليه وسلم- كان لا يكون عندها في وقت الضحى إلا في النادر من الأوقات؛ لأنه قد يكون مسافرًا، وقد يكون

الصفحة 26