كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

ثمان ركعات سبحة الضحى. وروى ابن عبد البر في "التمهيد" من طريق عكرمة بن خالد عن أم هانئ قالت: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكة فصلى ثماني ركعات، فقلت: ما هذه الصلاة؟ قال: هذه صلاة الضحى.
واستدل به على أن أكثر الضحى ثمان ركعات.
واستبعده السبكي. ووجه بأن الأصل في العبادة التوقف، وهذا أكثر ما ورد من فعله عليه السلام. وقد ورد من فعله دون ذلك كحديث ابن أبي أوفى: أنه عليه الصلاة والسلام صلى الضحى ركعتين، أخرجه ابن عدي.
وأما ما ورد من قوله عليه الصلاة والسلام مما فيه زيادة على ذلك كحديث أنس مرفوعا: "من صلى الضحى ثنتي عشرة ركعة بنى الله له قصرا في الجنة".
__________
الميم وشد الراء "عن أم هانئ في قصة اغتساله -صلى الله عليه وسلم- يوم الفتح" لمكة "ثم صلى ثماني" بفتح الياء "ركعات سبحة الضحى". فالتصريح في هاتين الطريقين بسبحة الضحى، يعين أن قوله في تلك الطريق وذلك ضحى، أي صلاته، لا الإخبار عن الوقت؛ لأن الحديث يفسر بعضه بعضا لا سيما مع اتحاد المخرج وهو حديث واحد.
"وروى ابن عبد البر في التمهيد" لما في الموطأ من المعاني والأسانيد "من طريق عكرمة بن خالد" بن العاصي بن هشام المخزومي ثقة من رجال الصحيحين "عن أم هانئ قالت: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكة فصلى ثمان ركعات، فقلت: ما هذه الصلاة؟ قال: "هذه صلاة الضحى" فهذا نص صريح لا يقبل التأويل. "واستدل به على أن أكثر الضحى ثمان ركعات" وهو المرجح عند الشافعية والمالكية "واستبعده السبكي"؛ لأنه مجرد فعل لا دلالة فيه على أن الثمان أكثرها "و" لكن "وجه بأن الأصل في العبادة التوقف" بأن يقتصر على الوارد ولا يتجاوزه إلى غيره إلا بدليل "وهذا أكثر ما ورد من فعله عليه السلام" فلا يزاد عليه، وما ورد عن أم سلمة أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي الضحى ثنتي عشرة ركعة ليس فيه أن الجميع نوى به الضحى، فيجوز أن الزائد نفل مطلق كما مر "وقد ورد من فعله دون ذلك كحديث ابن أبي أوفى أنه عليه الصلاة والسلام صلى الضحى ركعتين أخرجه ابن عدي" ومثله في حديث عتبان، وحديث عائشة: كان يصلي أربعا، وحديث جابر: أنه صلى الضحى ست ركعات. "وأما ما ورد من قوله عليه الصلاة والسلام مما فيه زيادة على ذلك كحديث أنس مرفوعا: "من صلى الضحى ثنتي عشرة ركعة بنى الله له قصرا في الجنة" من ذهب" كما هو بقية الحديث.

الصفحة 29