كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

وأجاب القائلون بأنها لا تفعل إلا بسبب عن قول أبي هريرة المروي في البخاري أوصاني خليلي -صلى الله عليه وسلم- بثلاث، لا أدعهن حتى أموت، "صوم ثلاثة أيام من كل شهر وصلاة الضحى" الحديث، بأنه قد روي أن أبا هريرة كان يختار درس
__________
تقع نفلًا مطلقا عند من يقول: إن أكثر سنة الضحى ثمان ركعات، فأما من فصل فإنه يكون صلى الضحى، وما زاد على الثمان يكون نفلا مطلقا، فتكون صلاة اثنتي عشرة في حقه أفضل من ثمان لكونه أتى بالأفضل، وزاد وقد ذهب قوم منهم أبو جعفر الطبري، وبه جزم الحليمي والروياني من الشافعية أنه لا حد لأكثرها.
وروي عن إبراهيم النخعي قال: سأل رجل الأسود بن يزيد كم أصلي الضحى؟ قال: كم شئت. وحديث عائشة كان يصلي الضحى أربعا ويزيد ما شاء الله، هذا الإطلاق قد يحمل على التقييد، فيؤكد أن أكثرها اثنتا عشرة. وذهب آخرون إلى أن أفضلها أربع ركعات، حكاه الحاكم في كتابه المفرد في صلاة الضحى عن جماعة من أئمة الحديث لكثرة الأحاديث الواردة في ذلك كحديث عائشة المذكور. وحديث الترذي عن أبي الدرداء وأبي ذر مرفوعًا عن الله تعالى: "ابن آدم اركع لي أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره". وحديث نعيم بن همار عند النسائي وأبي أمامة وعبد الله بن عمرو والنواس بن سمعان عند الطبري، وعقبة بن عامر وأبي مرة الطائفي عند أحمد؛ كلهم بنحوه. وحديث أبي موسى رفعه: "من صلى الضحى أربعا بنى الله له بيتا في الجنة"، أخرجه الطبراني في الأوسط. وحديث أبي أمامة مرفوعا: "أتدرون قوله: {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} " [النجم: 37] ، قال: "وفي عمل يومه بأربع ركعات الضحى"، أخرجه الحاكم. انتهى.
"وأجاب القائلون: بأنها لا تفعل إلا بسبب" كشكر على فتح ونحوه "عن قول أبي هريرة المروي في البخاري" في الصلاة والصوم ومسلم والنسائي في الصلاة "أوصاني خليلي -صلى الله عليه وسلم" صديقي الخالص الذي تخللت صحبته قلبي فصارت في خلاله، أي باطنه ولا يعارضه حديث: "لو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر"؛ لأن الممتنع أن يتخذ هو -صلى الله عليه وسلم- خليلا لا أن غيره يتخذه خليلا، ولا يقال: المخاللة تكون من الجانبين؛ لأنا نقول: إنما نظر الصحابي إلى أحد الجانبين فأطلق ذلك، أو لعله أراد مجرد الصحبة أو المحبة "بثلاث لا أدعهن حتى أموت" يحتمل أنه من جملة الوصية، أي: وأوصاني أن لا أدعهن، ويحتمل أنه من أخبار الصحابي عن نفسه "صوم ثلاثة أيام" بالخفض، بدل من قوله: بثلاث، ويجوز الرفع خبر مبتدأ محذوف "من كل شهر" الذي يظهر لي أنها البيض، ويأتي تفسيرها في كتاب الصوم "وصلاة الضحى" زاد أحمد كل يوم، وللبخاري في الصوم، ومسلم هنا وركعتي الضحى.
قال ابن دقيق العيد: ذكر الأقل الذي يوجد التأكيد بفعله، وفيه استحباب صلاة الضحى وإن أقلها ركعتان وعدم مواظبة النبي -صلى الله عليه وسلم- على فعلها لا ينافي ندبها؛ لأنه حاصل بدلالة القول

الصفحة 31