كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

الصبح صلى ركعتين خفيفتين قبل أن تقام الصلاة. رواه البخاري.
فهذه عشر ركعات؛ لأن الركعتين بعد الجمعة لا يجتمعان مع الركعتين بعد الظهر، إلا لعارض، بأن يصلي الجمعة وسنتها التي بعدها، ثم يتبين له فسادها فيصلي الظهر ويصلي بعدها سنتها كما نبه عليه الشيخ ولي الدين العراقي.
واختلف في دلالة لفظ "كان" على التكرار، وصحح ابن الحاجب أنها تقتضيه، قال: وهذا استفدناه من قولهم: كان حاتم يقري الضيف، وصحح الإمام فخر الدين في "المحصول" أنها لا تقتضيه، لا لغة ولا عرفا، وقال النووي في شرح مسلم،
__________
هما ركعتا الفجر "قبل أن تقام الصلاة، رواه البخاري" في الجمعة عن عبد الله بن يوسف عن مالك عن نافع بدون قوله: وأخبرتني حفصة.. إلخ، فرواه بعد ذلك في أبواب التطوع من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: صليت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- سجدتين قبل الظهر، وسجدتين بعد الظهر، وسجدتين بعد العشاء، وسجدتين بعد الجمعة، فأما المغرب والعشاء ففي بيته. وحدثتني حفصة أنه كان يصلي ركعتين خفيفتين بعدما يطلع الفجر وكانت ساعة لا أدخل عليه فيها، ورواه أيضا من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: حفظت من النبي صلى الله عليه وسلم عشر ركعات، ركعتين قبل الظهر، وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته، وركعتين بعد العشاء في بيته، وركعتين قبل الصبح كانت ساعة لا يدخل على النبي -صلى الله عليه وسلم- فيها. حدثتني حفصة فذكره باللفظ الذي ساقه المصنف فهو وإن صدق في العزو للبخاري لكنه يوهم أنه ساقه كما ذكره، وليس كذلك كما علم "فهذه عشر ركعات" ولم تكن اثنتي عشرة بركعتي الجمعة؛ "لأن الركعتين بعد الجمعة لا يجتمعان مع الركعتين بعد الظهر إلا لعارض بأن يصلي الجمعة وسنتها التي بعدها ثم يتبين له فسادها" بشيء من المفسدات "فيصلي الظهر ويصلي بعدها سنتها كما نبه عليه" أي على هذا التصوير "الشيخ ولي الدين العراقي" على أن اجتماعهما إنما هو في الصورة إذ المعدوم شرعا كالمعدوم حسا. "واختلف في دلالة لفظ كان على التكرار، وصحح ابن الحاجب أنها تقتضيه" أي تستلزمه فليست موضوعة للدلالة على التكرار، وإنما هي موضوعة لثبوت الفعل في الماضي.
"قال" ابن الحاجب: "وهذا استفدناه من قولهم: كان حاتم" الطائي "يقري الضيف" فإن ذكر ذلك في مقام المدح يقتضي التكرار، إذ المرة الواحدة لا مدح فيها. "وصحح الإمام فخر الدين" الرازي "في المحصول" اسم كتاب له في الأصول "أنها لا تقتضيه لا لغة"؛ لأن مدلولها لغة إنما هو ثبوت الفعل في الماضي والحجة له حديث كان -صلى الله عليه وسلم- يبعث عبد الله بن رواحة يخرص تمر خيبر، وإنما بعثه مرة واحدة "ولا عرفا".

الصفحة 37