كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين قبل الفجر، يقول: نعم السورتان يقرأ بهما في ركعتي الفجر {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} .
ولابن أبي شيبة من طريق ابن سيرين عن عائشة: كان يقرأ فيهما بهما.
وللترمذي والنسائي من حديث ابن عمر: رمقت النبي -صلى الله عليه وسلم- شهرا فكان يقرأ بهما.
وقد استدل بعضهم بهذا على الجهر بالقراءة في ركعتي الفجر، ولا حجة فيه، لاحتمال أن يكون ذلك عرف بقراءته بعض السورة، ويدل على ذلك أن في رواية ابن سيرين المذكورة: "يسر فيها القراءة" وصححه ابن عبد البر.
واستدل بعضهم أيضا بهذه الأحاديث المذكورة، على أنه لا تتعين الفاتحة؛ لأنه لم يذكرها مع سورتي الإخلاص. وأجيب: بأنه ترك ذكر الفاتحة لوضوح الأمر
__________
بإسناد قوي عن عبد الله بن شقيق عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين قبل الفجر" أي صلاة الصبح وهما ركعتا الفجر "ويقول: نعم السورتان يقرأ بهما في ركعتي الفجر: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} "، لما اشتملتا عليه من التوحيد كما مر بيانه لمصنف فيفتتح بهما صلاة النهار. "ولابن أبي شيبة من طريق ابن سيرين" محمد "عن عائشة" كان صلى الله عليه وسلم "يقرأ فيهما" أي الركعتين "بهما" أي السورتين، ولفظة كان تدل على الكثرة فهو أقوى من قول أبي هريرة قرأ بهما؛ لأن المحقق منه مرة "وللترمذي والنسائي من حديث ابن عمر: رمقت" أي نظرت "النبي صلى الله عليه وسلم" نظر تأمل لا علم فعله في صلاة الفجر "شهرا" وفي رواية: أربعين صباحا، وأخرى خمسا وعشرين مرة "فكان يقرأ بهما" زاد في الفتح وللترمذي عن ابن مسعود مثله بغير تقييد، أي بقوله: شهرًا، وكذا للبزار عن أنس، ولابن حبان عن جابر ما يدل على الترغيب في قراءتهما فيهما.
"وقد استدل بعضهم بهذا على الجهر بالقراءة في ركعتي الفجر، ولا حجة فيه لاحتمال أن يكون ذلك عرف" للراوي "بقراءته بعض السورة" كما تقدم في صفة الصلاة من حديث أبي قتادة في صلاة الظهر يسمعنا الآية أحيانا "ويدل على ذلك أن في رواية ابن سيرين المذكورة" عن عائشة "يسر فيها القراءة، وصححه ابن عبد البر" وهو نص في الإسرار فيقدم على المحتمل.
"واستدل بعضهم أيضا بهذه الأحاديث المذكورة على أنه لا تتعين" سورة "الفاتحة" أي: قراءتها في الصلاة؛ "لأنه لم يذكرها مع سورتي الإخلاص، وأجيب بأنه ترك ذكر الفاتحة

الصفحة 42