كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)
الإسراع لما ثبت في الصحيح أمره المار على ديار ثمود ونحوهم بذلك. وقال غيره: وهذه كانت عادته -صلى الله عليه وسلم- في المواضع التي نزل فيها بأس الله بأعدائه، وسمي وادي محسر؛ لأن الفيل حسر فيه، أي أعيى وانقطع عن الذهاب. انتهى.
ثم سلك -صلى الله عليه وسلم- الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى، حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة. رمى من بطن الوادي، وجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه، واستقبل الجمرة، وكان رميه -صلى الله عليه وسلم- يوم النحر ضحى، كما قاله جابر في رواية مسلم، والترمذي، وأبي داود، والنسائي.
__________
خلافه وأنهم لم يدخلوا الحرم، وإنما أهلكوا قرب أوله وأن رجلا اصطاد، ثم فنزلت نار فأحرقته، ولذا تسميه أهل مكة وادي النار، قاله في التحفة: "فاستحب فيه الإسراع لما ثبت في الصحيح أمره المار على ديار ثمود ونحوهم بذلك، قال غيره: وهذه كانت عادته -صلى الله عليه وسلم- في المواضع التي نزل فيها بأس الله" تعالى: عذابه ونقمت "بأعدائه" الكافرين "وسمي وادي محسر؛ لأنه الفيل حسر فيه، أي: أعيا" وكل وتعب "وانقطع عن الذهاب. انتهى".
"ثم سلك -صلى الله عليه وسلم- الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى:" جمرة العقبة، وهذا معنى قول الأصحاب: يذهب إلى عرفات في طريق ضب ويرجع في طريق الملزمين ليخالف الطريق تفاؤلا بتغيير الحال، قاله المصنف: "حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة" هذا يدل على أنه كان هناك شجرة كما في الفتح "فرماها بسبع حصيات:" بسين فموحدة "يكبر مع كل حصاة" أسقط من مسلم منها حصي الخذف.
قال المصنف: كذا في معظم الروايات، ونقله عياض عن أكثر الأصول، لكنه قال: صوابه مثل حصي الخذف، بإثبات لفظة مثل، وكذا رواه غير مسلم وهو الذي في أصل ابن عيسى.
وأجاب النووي بأن حصي الخذف متصل بحصيات، أي: رماا بسبع حصيات حصي الخذف، واعترض بينهما بقوله: يكبر مع كل حصاة منها.
قال الأبي: يريد النووي. إن حصى الخذف بدل من حصيات، والإضافة في حصى الخذف للبيان بمعنى من مثلها في خاتم حديد، وتعقبه الهروي بأن حصى الخذف وقع مشبها به، أي: كحصى أو مثل حصى، وحذف أداة التشبيه سائغ ولم يقل أحد أنه خطأ، أو أنه يحصل منه لبس، بل قال أهل البيان: إنه أبلغ "رمى من بطن الوادي وجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه، واستقبل الجمرة" حين رماها "وكان رميه -صلى الله عليه وسلم- يوم النحر ضحى، كما قاله جابر في رواية مسلم والترمذي وأبي داود والنسائي".