كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

ضرب ولا طرد ولا إليك إليك.
ثم انصرف -صلى الله عليه وسلم- إلى المنحر، فنحر ثلاثا وستين بدنة، ثم أعطى عليا فنحر
__________
وكان يسكن نجدا وشهد حجة الوداع.
"عند الترمذي" قال: "رأيته -صلى الله عليه وسلم "يرمي الجمار على ناقة له صهباء" بفتح المهملة وإسكان الهاء فموحدة فألف وبالمد حمراء يعلوها سواد، ولعل هذا لون القصواء التي كان عليها "ليس ضرب" للناس عنده "ولا طرد" للناس ليتنحوا عنه "ولا" قول "إليك إليك" كما يفعل عند المتكبرين "ثم انصرف -صلى الله عليه وسلم- إلى المنحر" موضع معروف بمنى وكلها منحر كما في الحديث.
قال ابن التين: منحر النبي -صلى الله عليه وسلم- عند الجمرة الاولى التي تلي المسجد، فللنحر فيه فضيلة على غيره لقوله: هذا المنحر وكل منى منحر.
"فنحر ثلاثا وستين بدنة" واحدة بدن، كذا رواه ابن ماهان في مسلم، ورواه غيره بيده.
قال عياض: وكل صواب وبيده أصوب.
وقال النووي: كل جرى فنحر ثلاثا وستين بدنة بيده الشريفة "ثم أعطى عليا فنحر ما غبر" بفتح المعجمة والموحدة والراء، أي: ما بقي من البدن وكانت مائة.
وفي أبي داود عن علي: لما نحر -صلى الله عليه وسلم- بدنة نحر ثلاثين بيده وأمرني فنحرت سائرها، وفيه أيضا عن غرفة بن الحارث الكندي: شهدت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأتى البدن، فقال: "ادعوا لي أبا حسن"، فدعي له علي، فقال: "خذ بأسفل الحربة"، وأخذ -صلى الله عليه وسلم- بأعلاها، ثم طعنا بها البدن، فلما فرغ ركب وأردف عليا، وجمع الحافظ ولي الدين باحتمال أنه -صلى الله عليه وسلم- انفرد بنحر ثلاثين بدنة، وهي التي ذكرت في ديث علي، واشترك هو وعلي في نحر ثلاث وثلاثين بدنة وهي المذكورة في حديث غرفة بغين معجمة مفتوحة، وقيل: مهملة، وقول جابر: نحو ثلاثا وستين، مراده: كل ما له دخل في نحره إما منفردا به أو مع مشاركة علي، وجمع الحافظ بين حديثي علي وجابر بأنه -صلى الله عليه وسلم- نحر ثلاثين ثم أمر عليا أن ينحر فنحر سبعا وثلاثين، ثم نحر -صلى الله عليه وسلم- ثلاثا وثلاثين، قال: فإن ساغ هذا وإلا فما في الصحيح أصح، أي: مع مشاركة على ليتئم مع حديث غرفة وإن لم يذكره.
وذكر بعضهم أن حكمة نحره ثلاث وستين بدنة بيده أنه قصد بها سني عمره، وهي ثلاث وستون عن كل سنة بدنة، نقله عياض ثم قال: والظاهر أنه -صلى الله عليه وسلم- نحر البدن التي جاءت معه من المدينة وكانت ثلاثا وستين كما رواه الترمذي، وأعطى عليا البدن التي جاءت معه من اليمن وهي تمام المائة. انتهى.
وما في الصحيحين عن أنس: نحر النبي -صلى الله عليه وسلم- بيده سبعة بدن، فلعلها التي اطلع هو عليها،

الصفحة 434