كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

فحلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأسه في ثوبه فأعطاه شعره، فقسم منه على رجال وقلم أظفاره وأعطاه صاحبه، وكان يخضب بالحناء والكتم.
وعن أبي هريرة: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "اللهم اغفر للمحلقين"، قالوا: يا رسول الله، وللمقصرين، قال: "اللهم اغفر للمحلقين"، قالوا: يا رسول الله، وللمقصرين، قال: "اللهم اغفر للمحلقين"، قالوا: يا رسول الله، وللمقصرين؟ قال: "وللمقصرين"، رواه الشيخان.
وليس فيه تعيين: هل قاله -صلى الله عليه وسلم- في الحديبية أو في حجة الوداع؟
قالوا: ولم يقع في شيء من طرقه التصريح بسماعه لذلك من النبي -صلى الله عليه وسلم، ولو وقع لقطعنا بأنه كان في حجة الوداع؛ لأنه شهدها ولم يشهد الحديبية.
__________
الأضاحي "ولا صاحبه" القرشي لم يصبه شيء "فحلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأسه" وجعل شعره "في ثوبه، فأعطاه" أي: زيدا "شعره" أي: بعضه "فقسم منه على رجال" وبحمله على بعضه لا يخالف الأحاديث قبله، فإن ساغ هذا وإلا فما في الصحيح أصح "وقلم أظفاره وأعطاه صاحبه" القرشي "وكان يخضب" بكسر الضاد "بالحناء" بالمد "والكتم" بفتحتين نبت فيه حمرة يخلط بالوسمة ويخضب به للسواد، والوسمة بفتح الواو وكسر السين المهملة أفصح من سكونها، نبت يخض بورقه كما في المصباح.
"وعن أبي هريرة: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "اللهم اغفر للمحلقين، قالوا" أي: اصحابة، قال الحافظ: لم أقف في شيء من الطرق على الذي تولى السؤال في ذلك بعد البحث الشديد "يا رسول الله" قل "و" اغفر "للمقصرين" فالعطف على محذوف يسمى العطف التلقيني، كقوله تعالى: {قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} [البقرة: 124] ، قال: ومن ذريتي؟ "قال: "اللهم اغفر للمحلقين"، قالوا: يا رسول الله وللمقصرين؟، قال: "اللهم اغفر للمحلقين"، قالوا: يا رسول الله وللمقصرين؟، قال:" بعد الثالثة" "وللمقصرين"؟ فيه إعطاء المعطوف حكم المعطوف عليه، ولو تخلل بينهما السكوت بلا عذر "رواه الشيخان" وروياه أيضا من حديث ابن عمر بطرق، إلا أن لفظه: "اللهم ارحم المحلقين" بدل اغفر، والمعنى واحد "وليس فيه تعيين هل قاله -صلى الله عليه وسلم- في الحديبية" كما قاله ابن عبد البر "أو في حجة الوداع، قالوا: ولم يقع في شيء من طرقه" أي: حديث أبي هريرة "التصريح" بالموضوع ولا التصريح "بسماعه ذلك من النبي -صلى الله عليه وسلم، ولو وقع لقطعنا بأنه كان في حجة الوداع؛ لأنه شهدها، ولم يشهد الحديبية" لأنه إنما جاء بعدها "وقد وقع تعيين الحديبية من حديث جابر عند أبي قرة" بضم القاف وشد

الصفحة 439