كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

فكان من بادر إلى الحلق أسرع إلى امتثال الأمر، ممن اقتصر على التقصير، وقد وقع التصريح بهذا السبب في حديث ابن عباس، فإن في آخره عند ابن ماجه وغيره أنهم قالوا: يا رسول الله، ما بال المحلقين ظاهرت لهم بالترحم؟ قال: "لأنهم لم يشكوا".
وأما السبب في تكرير الدعاء للمحلقين في حجة الوداع، فقال ابن الأثير في "النهاية": كان أكثر من حج معه -صلى الله عليه وسلم- لم يسق الهدي، فلما أمرهم أن يفسخوا الحج إلى العمرة ثم يتحللوا منها، ويحلقوا رؤوسهم، شق عليهم، ثم لما لم يكن لهم بد من الطاعة كان التقصير في أنفسهم أخف من الحلق، ففعله أكثرهم، فرجع -صلى الله عليه وسلم- فعل من لكونه أبين في امتثال الأمر. انتهى.
قال الحافظ ابن حجر: وفيما قاله نظر، وإن تابعه عليه غير واحد؛ لأن المتمتع يستحب في حقه أن يقصر في العمرة ويحلق في الحج إذا كان ما بين النسكين متقاربا، وقد كان ذلك في حقهم كذلك، والأولى ما قاله الخطابي
__________
لك فإنهم يفعلون "ففعل فتبعوه" وحلوا "فحلق بعض وقصر بعض".
في رواية الطيالسي وابن سعد لحديث أبي سعيد: إن الصحابة حلقوا يوم الحديبية إلا عثمان وأبا قتادة فقصرا ولم يحلقا.
قال الجلال البلقيني: فيحتمل أنهما اللذان قالا: والمقصرين "فكان من بادر إلى الحلق أسرع إلى امتثال الأمر ممن اقتصر على التقصير، وقد وقع التصريح بهذا السبب في حديث ابن عباس، فإن في آخره عند ابن ماجه وغيره أنهم قالوا: يا رسول الله ما بال المحلقين ظاهرت لهم بالترحم" أي: ذكرته ثلاث مرات "قال: "لأنهم لم يشكوا" في أن ما فعلته أحسن مما قام في أنفسهم.
"وأما السبب في تكرير الدعاء للمحلقين في حجة الوداع فقال ابن الأثير في النهاية: كان أكثر من حج معه -صلى الله عليه وسلم- لم يسق الهدي، فلما أمرهم أن يفسخوا الحج إلى العمرة، ثم يتحللوا منها ويحلقوا رؤوسهم شق عليهم، ثم لما لم يكن لهم بد من الطاعة" لأمره "كان التقصير في أنفسهم أخف من الحق ففعله أكثرهم، فرجح -صلى الله عليه سلم- فعل من لكونه أبين في امتثال الأمر. انتهى".
"قال الحافظ ابن حجر وفيما قاله نظر وإن تاعه" وافقه "عليه غير واحد؛ لأن المتمتع يستحب في حقه أن يقصر في العمرة ويحلق في الحج إذا كان ما بين النسكين متقاربا"

الصفحة 442