كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

إلا قال: "فعل ولا حرج". رواه مسلم.
وفي رواية: حلقت قبل أن أرمي، وفي رواية: وقف -صلى الله عليه وسلم- على راحلته فطفق ناس يسألونه، فيقول القائل منهم: يا رسول الله إني لم أكن أشعر أن الرمي قبل النحر، فنحرت قبل الرمي فقال -صلى الله عليه وسلم: "فارم ولا حرج"، قال: فما سمعته يسأل يومئذ عن أمر مما ينسى المرء أو يجهل من تقديم بعض الأمور قبل بعض وأشباهها
__________
"فما سئل" صلى الله عليه وسلم "عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: "افعل ولا حرج" لا ضيق عليك "رواه مسلم" عن يحيى بن يحيى، والبخاري في العلم عن إسماعيل.
وفي الحج عن عبد الله بن يوسف، الثلاثة عن مالك عن ابن شهاب عن عيسى بن طلحة عن عبد الله بن عمر، وبهذا اللفظ ورواه البخاري ومسلم أيضا من وجوه عن ابن شهاب بنحوه، فما هذا الإيهام من المصنف أن البخاري لم يروه مع أنه رواه في مواضع.
"وفي رواية" عند مسلم من طريق محمد بن أبي حفصة عن الزهري بإسناده: "حلقت قبل أن أرمي" وقال آخر: أفضت إلى البيت قبل أن أرمي.
وقال مالك في الأول: الفدية لإلقاء التفث قبل شيء من التحلل، وفي تقديم الإفاضة على الرمي الدم؛ لأنه خلاف الواقع منه -صلى الله عليه وسلم، وقد قال: "خذوا عني مناسككم"، فخص هاتين الصورتين من عموم قول الصحابي: فما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: "افعل ولا حرج"، ولم يثبت عنده زيادتهما في الحديث، فلا يلزم بزيادة غيره لا سيما وهو أثبت الناس في ابن شهاب ومحل قبول زيادة الثقة ما لم يكن من لم يزدها أوثق كما تقرر في علوم الحديث وابن أبي حفصة الذي زادهما وإن كان صدوقا، وروى له الشيخان لكنه يخطئ، بل ضعفه النسائي.
واختلف قول ابن معين في تضعيفه وتكلم فيه يحيى القطان فبطل، تعجب الطبري من مالك في حمل الحرج على نفي الإثم فقط، ثم يخص ذلك ببعض الأمور دون بعض، فإن وجب الترتيب ففي الجميع وإلا فما وجه تخصيص بعض دون بعض مع تعميم الشارع الجميع بنفي الحرج، كذا قال وقد علم وجهه.
"وفي رواية" لمسلم من طريق يونس عن ابن شهاب عن عيسى؛ أنه سمع عبد الله بن عمرو يقول: "وقف -صلى الله عليه وسلم- على راحلته فطفق" بكسر الفاء وفتحها شرع "ناس يسألونه، فيقول القائل منهم: يا رسول الله إني لم أكن أشعر أن الرمي قبل النحر" فذكر متعلق الشعور "فنحرت قبل الرمي" للجمرة، والجملة معمولة للقول التقدير نحرت قبل الرمي ولم أشعر، ولكنه قدم ما يدفع عنه اللوم ويقيم له العذر وهو عدم الشعور، ولذا عبر بفاء السببية "فقال -صلى الله عليه وسلم: "فارم ولا حرج"، فما سأله سائل يومئذ عن أمر مما ينسى المرء أو يجهل من تقديم بعض الأمور قبل

الصفحة 444