كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

نعم، قال: "اللهم اشهد" فليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع". رواه الشيخان.
وفي رواية للبخاري: "فودع الناس".
ووقع في طريق ضعيفة عند البيهقي من حديث ابن عمر سبب ذلك، ولفظه: أنزلت {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في وسط أيام التشريق، وعرف أنه الوداع، فأمر براحلته القصواء فرحلت له فركب ووقف بالعقبة
__________
"هل بلغت" مرتين "قالوا: نعم" بلغت "قال: "اللهم اشهد" أني أديت ما فرضته علي من التبليغ "فليبلغ الشاهد" الحاضر هذا المجلس "الغائب" عنه ما ذكر فيه أو جميع الأحكام التي سمعها "فرب مبلغ" بفتح اللام مشددة اسم مفعول بلغه كلامي "أوعى" أفهم لمعنى كلامي "من سامع" له مني.
قال الحافظ: رب للتقليل، وقد ترد للتكثير، ومبلغ بفتح اللام وأوعى نعت له، والذي تتعلق به رب محذوف تقديره يوجد أو يكون، ويجوز على مذهب الكوفيين في أن رب اسم أن يكون هي مبتدأ وأوعى الخبر فلا حذف ولا تقدير، والمراد رب مبلغ عني أوعى، أي: أفهم من سامع، وصرح بذلك في رواية ابن منده بلفظ: "فإنه عسى أن يكون بعض من لم يشهد أوعى لما أقول من بعض من شهد". انتهى.
وقال المهلب: فيه أنه يأتي في الآخر من يكون له من الفهم في العلم ما ليس لمن تقدم إلا أن ذلك قليل؛ لأن رب موضوعة للتقليل. انتهى، أي: عند الأكثرين.
وقال جماعة: موضوعة للتكثير، واختار في المغني أنها ترد للتكثير كثيرا وللتقليل قليلا، لكن الظاهر أنها في الحديث هنا للتقليل بقوله في رواية للبخاري: فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه، ولرواية ابن منده المذكورة "رواه الشيخان" البخاري في مواضع تاما ومختصرا، ومسلم في الديات.
"وفي رواية البخاري" تعليقا، ووصله أبو داود وابن ماجه وغيرهما في آخر حديث عن ابن عمر، فطفق النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "اللهم اشهد" "فودع الناس" لأنه علم أنه لا يتفق له ذلك في وقعة أخرى ولا اجتماع آخر مثل ذلك، وبقية الحديث: فقالوا: هذه حجة الوداع.
"ووقع في طريق ضعيفة عند البيهقي من حديث ابن عمر سبب ذلك" الوداع "ولفظه: أنزلت {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في وسط أيام التشريق وعرف أنه الوداع، فأمر براحلته القصواء فرحلت له" وجعل عليها الرحل "فركب ووقف بالعقبة واجتمع

الصفحة 452