كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)
الإمام يمكنه أن يعلمهم إياها يوم عرفة: انتهى.
وأجيب: بأنه -صلى الله عليه وسلم- نبه في الخطبة المذكورة على تعظيم يوم النحر، وعلى تعظيم ذي الحجة، وعلى تعظيم البلد الحرام، وقد جزم الصحابة المذكورون بتسميتها خطبة، فلا يلتفت لتأويل غيرهم، وما ذكره من إمكان تعليم ما ذكره يوم عرفة، يعكر عليه في كونه يرى مشروعية الخطبة ثاني يوم النحر، وكان يمكن أن يعلموا ذلك يوم عرفة، بل يمكن أن يعلموا يوم التروية جميع ما يؤتى به من أعمال الحج، لكن لما كان في كل يوم أعمال ليست في غيره شرع تجديد التعليم بحسب تجديد الأسباب. وأما قول الطحاوي: "إنه لم ينقل أنه علمهم شيئا من
__________
فليس بمتعين؛ لأن الإمام يمكنه أن يعلمهم إياها يوم عرفة" في خطبتها، وقد ذكر المالكية الأمور الأربع في جملة ما يخبرهم به في خطبة يوم عرفة. "انتهى".
"وأجيب بأنه -صلى الله عليه وسلم- نبه في الخطبة المذكورة على تعظيم يوم النحر وعلى تعظيم ذي الحجة وعلى تعظيم البلد الحرام، وقد جزم الصحابة المذكورون" ابن عباس وأبو بكرة وابن عمر "بتسميتها خطبة فلا يلتفت لتأويل غيرهم" هذا واضح في رد قول ابن بطال: ظن الذي رآه أنه يخطب ولك أن تقول: هي خطبة، لكن ليست من خطب الحج المشروعة، إنما هي وصايا وتوديع كما أشار إليه أولا، إذ لا يصلح للخطيب المخبر بمناسك الحج أن يقول شيئًا مما ذكر في هذه الخطبة أتدرون، أي: بلد.... إلخ ونحوه.
"وما ذكره من إمكان تعليم ما ذكره يوم عرفة يعكر عليه في كونه يرى مشروعية الخطبة ثاني يوم النحر، وكان يمكن أن يعلموا ذلك يوم عرفة" له أن يقول: إن المناسك الأربع التي تفعل يوم النحر استغنى بتعليمهم إياها يوم عرفة؛ لأنه يتعسر خطبة تعلمهم ذلك يوم النحر، إذ المطلوب ساعة الوصول إلى الجمرة رميها عقب وصوله على أي حالة راكبا أو ماشيا، ثم النحر، ثم الحلق، ثم الطواف، وكل ذلك قبل الزوال فهو يوم عمل وسفر لا يمكن بسهولة خطبة لتعليم فعل ذلك على الوجه الأكمل، فاكتفى بتعليم ذلك في يوم عرفة بخلاف ثاني يوم، فيوم قرار بمنى فشرع فيه تجديد التعليم.
"بل يمكن أن يعلموا يوم التروية جميع ما يؤتى به من أعمال الحج، لكن" حكمة ذلك أنه "لما كان في كل يوم أعمال ليست في غيره شرع تجديد التعليم بحسب تجديد الأسباب" بعد هذا في الفتح، وقد بين الزهري وهو عالم أهل زمانه؛ أن الخطبة ثاني يوم النحر، نقلت من خطبة يوم النحر وأن ذلك من عمل الأمراء، يعني بني أمية.
قال ابن أبي شيبة: حدثنا وكيع، عن سفيان هو الثوري، عن ابن جريج، عن الزهري، قال: