كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

بحصى الخذف، ثم أمر المهاجرين فنزلوا في مقدم المسجد وأمر الأنصار أن ينزلوا من وراء المسجد، قال: ثم نزل الناس بعد ذلك.
وفي رواية عن عبد الرحمن بن معاذ عن رجل من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: خطب النبي -صلى الله عليه وسلم- الناس بمنى ونزلهم منازلهم فقال: "لينزل المهاجرون ههنا"، وأشار إلى ميمنة القبلة، "والأنصار ههنا" وأشار إلى ميسرة القبلة، ثم قال: "لينزل الناس حولهم".
وعن ابن أبي نجيح عن أبيه عن رجلين من بني بكر قالا: رأينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب بين أوسط أيام التشريق، ونحن عند راحلته، وهي خطبة
__________
وفعلها والجمار الأحجار الصغار، سميت حمار الحج بذلك للحصى التي يرمي بها "فوضع أصبعيه السبابتين" اليمنى واليسرى "ثم قال:" "ارموا" "بحصى الخذف" أي: الحصى اصغار، أي: مثله، والخذف أن يؤخذ حصاة بين السبابتن ويرمي بها "ثم أمر المهاجرين فنزلوا بمقدم المسجد، وأمر الأنصار أن ينزلوا من" هكذا في أبي داود، لفظ: من "وراء المسجد، قال: ثم نزل الناس بعد ذلك" ففيه تقريب أهل الفضل والعلم على حسب مراتبهم في ذلك.
قال الولي العراقي: قد يسأل عن الجمع بين هذا الحديث وبين قوله عليه الصلاة والسلام: "منى مناخ من سبق"، فإنه دال على استحقاق السابق لبقعة للنزول فيها ولو كان غيره أفضل، وهو مخالف لتعيينه للمهاجرين بقعة وللأنصار بقعة، هكذا سأل وبيض للجواب.
"وفي رواية عبد الرحمن بن معاذ" الصحابي المذكور فيما قبله عند أبي داود أيضا "عن رجل من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: خطب النبي -صلى الله عليه وسلم- الناس بمنى ونزلهم منازلهم، فقال: "لينزل" بلام الأمر، كما في أبي داود "المهاجرون ههنا، وأشار إلى ميمنة القبلة والأنصار ههنا، وأشار إلى ميسرة القبلة، ثم قال: "لينزل الناس حولهم"" وفي الرواية الأولى: أنزل المهاجرين في مقدم المسجد والأنصار وراء المسجد.
قال الولي العراقي: وظاهرهما التنافي، فيحتاج إلى الجمع إن أمكن وإلا تعين الترجيح، ويمكن الجمع بأنه أنزل المهاجرين في ميمنة القبلة في مقدم المسجد، وأنزل الأنصار في ميسرة القبلة وراء المسجد، ويلزم عليه أن يخلو من المسجد ميسرته بكمالها ومؤخر ميمنته، فيحصل أنه -صلى الله عليه وسلم- أخلى ذلك لنفسه.
"وعن ابن أبي نجيح" الابن هو عبد الله المكي أبو يسار الثقفي، مولاهم ثقة من رجال الجميع، ورمي بالقدر، وربما دلس "عن أبيه" أبي نجيح، واسمه يسار المكي مولى ثقيف مشهور بكنيته وهو ثقة، روى له مسلم والسنن الثلاثة "عن رجلين من بني بكر، قالا: رأينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب بين أوسط أيام التشريق" ظاهره مشكل، فالجمع بين أوسط.

الصفحة 456