كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التي خطب بمنى. رواه أبو داود.
وعن رافع بن عمرو المزني قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب الناس بمنى، حين ارتفع الضحاء على بغلة شهباء، وعلي يعبر عنه، والناس بين قائم وقاعد. رواه أبو داود أيضا.
__________
ممتنع، فإما أنه وهم كان في بعض الأصول بين، وفي آخر أوسط، فجمع بينهما بعض الرواة وهما: لكن فيه أن الحكم على الإثبات بالخطأ يحتاج لدليل، وبأنه لا يصح أن يقال بين أيام التشريق لاقتضائه أن زمن الخطبة متخلل بينها لا منها وإنما يكون ذلك ليلا، ولم تقع الخطبة ليلا، وإما أن أوسط بدل من بين فهو نصب ظرفا لا مخفوض بالإضافة، ويرد هذا بالثاني مما رد به مما قبله، وإما أن المراد خطبهم في وسط أوسط أيام التشريق، أي: أن خطبته وقعت في الأوسط من أيام التشريق وكان ذلك بينه، أي: في أثنائه لا في أول النهار ولا في آخره، وفيه نظر؛ لأنه إذا خطب أثناءه صدق أنه خطب في أيام التشريق فلا يقال: خطب بينهما، قاله الولي العراقي.
"ونحن عند راحلته" مثلث العين ومعناه حضرة الشيء "وهي خطبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التي خطب بمنى" كأنهما لم يطلعا على خطبته يوم النحر أو اطلعا ولم تكن عندهما خطبة تتعلق بالحج "رواه أبو داود" وسكت عليه فهو عنده صالح، وكذا سكت عليه عبد الحق في الأحكام، وتعقبه ابن القطان ورد تعقبه.
"وعن رافع بن عمرو" بفتح العين ابن هلال "المزني" صحابي ابن صحابي، سكن البصرة وعاش إلى خلافة معاوية "قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخطب الناس بمنى حين ارتفع الضحاء" بفتح المعجمة ممدود إذا علت الشمس إلى ربع السماء فما بعده كما في النهاية، نقله الولي "على بغلة" أنثى البغال "شهباء" أي: بيضاء غلب بياضها على السواد، زاد في رواية لأبي داود في اللباس: وعليه برد أحمر "وعلي" بن أبي طالب "يعبر" بضم أوله وبالتشديد، أي: يبلغ "عنه".
قال الجوهري: عبرت عن فلان إذا تكلمت عنه واللسان يعبر عما في الضمير، أو المراد يفسر عبارته ويشرحها مأخوذ من عبارة الرؤيا وهو تفسيرها، أو المراد يفهمها للناس من عبرت الكتاب أعبره، والأول هو الظاهر المتعين وفيه منقبة لعلي، ولا يخالف قوله: ففتحت أسماعنا الحديث السابق لاحتمال أن هذه خطبة غير تلك؛ لأنه خطب بمنى غير مرة، أو المعجزة إنما هي في حق من لم يحضر المجلس، فأما من حضره فكان يسمع السمع المعتاد، فربما يخفى عليه كلمة ونحوها لشغل أو ثقل سمع أو جهل بتلك اللغة التي خاطبهم بها -صلى الله عليه وسلم-؛ لأنهم خلق كثير