كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

الفرع الثالث: في راتبة الظهر
عن ابن عمر قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها. رواه البخاري ومسلم والترمذي.
وعن عائشة: كان عليه الصلاة والسلام لا يدع أربعا قبل الظهر، وركعتين قبل صلاة الغداة. رواه البخاري أيضا.
فإما أن يقال: إنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى في بيته صلى أربعا، وإذا صلى في المسجد صلى ركعتين، وهذا أظهر. وإما أن يقال: كان يفعل هذا وهذا، فحكى كل من عائشة وابن عمر ما شاهده، والحديثان صحيحان لا مطعن في واحد منهما.
وقال أبو جعفر الطبري: الأربع كانت في كثير من أحواله، والركعتان في
__________
والسلام: "من لم يصل ركعتي الفجر" في وقتها قبل صلاة الصبح "فليصلهما بعدما تطلع الشمس" أي: وترتفع، كما دل عليه أخبار أخر "رواه الترمذي" وأحمد "من رواية أبي هريرة" وصححه الحاكم وأقره الذهبي.
"الثالث: في راتبة الظهر، عن ابن عمر، قال: صليت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها" المراد من المعية أنهما اشتركا في أن كلا منهما صلاها لا التجميع، فلا حجة فيه من قال: يجمع في رواتب الفرائض، وفي لفظ للشيخين عن ابن عمر: حفظت من النبي -صلى الله عليه وسلم- عشر ركعات، فذكرهما كما مر "رواه البخاري ومسلم والترمذي" بزياد تقدمت قريبًا.
"وعن عائشة: كان عليه الصلاة والسلام" لفظها؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان "لا يدع:" لا يترك "أربعا قبل" صلاة "الظهر وركعتين قبل صلاة الغداة" أي: الصبح، يعني ركعتي الفجر "رواه البخاري أيضا" وأبو داود والنسائي "فإما أن يقال" في الجمع بينه وبين حديث ابن عمر؛ "أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى في بيته صلى أربعا" وهو ما أخبرت به عائشة؛ لأنها في البيت "وإذا صلى في المسجد صلى ركعتين" تخفيفا على الأمة وهو أخبر به ابن عمر؛ لأنه يكون معه في المسجد "وهذا أظهر" من قول من قال: يحتمل أنه يصلي في بيته ركعتين، ثم يخرج إلى المسجد فيصلي ركعتين، فرأى ابن عمر ما في المسجد دون ما في بيته، واطلعت عائشة على الأمرين وإنما كان أظهر لا رواه أحمد وأبو داود عن عائشة: كان يصلي في بيته قبل الظهر أربعا ثم يخرج كما في الفتح.
"وإما أن يقال: كان يفعل هذا" تارة "وهذا" أخرى "فحكى كل من عائشة وابن عمر

الصفحة 46