كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

اعتمر خارجا من مكة في تلك المدة أصلا، فالعمرة التي فعلها وشرعها هي عمرة الداخل إلى مكة لا عمرة من كان بها، فيخرج إلى الحل ليعتمر. ولم يفعل هذا على عهده أحد قط إلا عائشة وحدها. انتهى.
فيقال عليه: بعد أن فعلته عائشة بأمره، فدل على مشروعيته.
وروى الفاكهي وغيره من طريق محمد بن سرين قال: بلغنا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقت لأهل مكة التنعيم.
ومن طريق عطاء قال: من أراد العمرة ممن هو من أهل مكة أو غيرها، فليخرج إلى التنعيم أو إلى الجعرانة فليحرم منها. فثبت بذلك أن ميقات مكة للعمرة الحل وأن التنعيم وغيره في ذلك سواء. والله أعلم.
__________
سنة لم ينقل عنه أحد أنه اعتمر خارجا من مكة" إلى الحل "في تلك المدة أصلا، فالعمرة التي فعلها وشرعها هي عمرة الداخل إلى مكة، لا عمرة من كان بها فيخرج إلى الحل ليعتمر" أي: يحرم، ثم يدخل مكة فيأتي بأفعال العمرة "ولم يفعل هذا على عهده أحد قط إلا عائشة. انتهى، فيقال عليه بعد أن فعلته عائشة بأمره، فقد دل على مشروعيته" فلا معنى لهذا الكلام.
"وروى الفاكهي وغيره من طريق محمد بن سيرين، قال: بلغنا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقت لأهل مكة التنعيم، ومن طريق عطاء" بن أبي رباح "قال: "من أراد العمرة ممن هو من أهل مكة أو غيرها فليخرج إلى التنعيم أو الجعرانة فليحرم منها" وأفضل ذلك أن يأتي وقتا، أي: ميقاتا من مواقيت الحج، هذا بقية المروي عن عطاء.
قال الطحاوي: ذهب قوم إلى أنه لا ميقات للعمرة لمن كان بمكة إلا التنعيم، فلا يجاوز كما لا تجاوز مواقيت الحج، أي: تعلقا بحديث ابن سيرين المذكور، قال: وخالفهم آخرون، فقالوا: ميقات العمرة الحل، وإنما أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- عائشة بالإحرام من التنعيم؛ لأنه أقرب الحل إلى مكة، ثم روي من طريق ابن أبي مليكة عن عائشة في حديثها، قالت: فكان أدنانا من الحرم التنعيم، فاعتمرت منه.
قال الطحاوي عقب هذا: "فثبت بذلك أن ميقات مكة للعمرة الحل، وأن التنعيم وغيره في ذلك سواء" في جواز الإحرام منه، وإن كان الأفضل التنعيم لأمره لعائشة به بعد الجعرانة لإحرامه -صلى الله عليه وسلم- منها، "والله" تعالى "أعلم".

الصفحة 484