كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

وقال ابن عباس: إنما صلى عليه الصلاة والسلام ركعتين بعد العصر؛ لأنه اشتغل بقسمة مال أتاه عن الركعتين اللتين بعد الظهر فقضاهما بعد العصر، ثم لم يعد لهما. رواه الترمذي.
وقالت أم سلمة: سمعته صلى الله عليه وسلم ينهى عنهما، ثم رأيته يصليهما حين صلى العصر، ثم سألته عنهما فقال: "إنه أتاني أناس من عبد القيس بالإسلام، فشغلوني عن الركعتين بعد الظهر، فهما هاتان"، الحديث. وفيه: أن ابن عباس قال: كنت أضرب مع عمر بن الخطاب الناس عنهما.
قال ابن القيم: قضاء السنن الرواتب في أوقات النهي عام له ولأمته، وأما المداومة على تلك الركعتين في وقت النهي فخاص به عليه السلام قال: وقد عد
__________
داود" عن عائشة "قالت: كان" صلى الله عليه وسلم "يصلي بعد العصر ركعتين وينهى عنهما" غيره؛ لأنهما من خصائصه "ويواصل" في الصيام "وينهى عن الوصال؛" لأنه من خصائصه.
"وقال ابن عباس: إنما صلى عليه الصلاة والسلام ركعتين بعد العصر؛ لأنه اشتغل بقسمة مال أتاه عن الركعتين" متعلق باشتغل، ولفظ الترمذي: لأنه أتاه مال فشغله عن الركعتين "اللتين بعد الظهر، فقضاهما بعد العصر ثم لم يعد لهما" أي: لصلاتهما "رواه الترمذي" من طريق جرير عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وقال الترمذي: حديث حسن.
"وقالت أم سلمة" هند أم المؤمنين: "سمعته صلى الله عليه وسلم ينهى عنهما، ثم رأيته يصليهما حين صلى العصر" أي: بعدما صلاه ودخل بيتها "ثم سألته عنهما، فقال:" "يا بنت أبي أمية سألت عن الركعتين بعد العصر "إنه أتاني أناس"" وفي رواية: "ناس" "من عبد القيس بالإسلام" من قومهم كما في الصحيحين "فشغلوني عن الركعتين بعد الظهر، فهما هاتان" الركعتان اللتان كنت أصليهما بعد الظهر، فشغلت عنهما فصليتهما الآن، وكان من عادته إذا فعل طاعة لا يقطعها أبدا "الحديث" في الصحيحين مطولا "وفيه أن ابن عباس قال: كنت أضرب مع عمر بن الخطاب الناس عنهما" أي: عن الركعتين، وفي رواية عنها بالإفراد، أي: عن الصلاة، أي لأجلها.
وفي أخرى عنه، أي: عن الفعل وهو بالضاد المعجمة والموحدة من الضرب في البخاري وأكثر رواة مسلم، ولبعضهم أصرف -بصلة مهملة- وفاء، ومعناه أمنع ولا مناة بين الروايتين، فكان يضربهم في وقت ويصرفهم في آخر بلا ضرب، أو يضرب من بلغه النهي ويصرف من لم يبلغه.
"قال ابن القيم: قضاء السنن الرواتب في أوقات النهي عام له ولأمته" عند من قال بقضائها "وأما المداومة على تلك الركعتين في وقت النهي، فخاص به عليه السلام" خلافًا

الصفحة 50