كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

وحمل الطحاوي هذا ومثله على أن الركعة مضمومة إلى الركعتين قبلها، ولم يتمسك في دعوى ذلك إلا بالنهي عن البتيراء، مع احتمال أن يكون المراد بالبتيراء أن توتر بواحدة فردة ليس قبلها شيء، وهو أعم من أن يكون مع الوصل والفصل.
وقد اختلف السلف في أمرين:
أحدهما: في مشروعية ركعتين بعد الوتر عن جلوس.
والثاني: فيمن أوتر ثم أراد أن يتنفل في الليل، هل يكتفي بوتره الأول ويتنفل ما شاء، أو يشفع وتره بركعة ثم يتنفل؟ ثم إذا فعل هل يحتاج إلى وتر آخر أم لا؟
فأما الأول: فوقع عند مسلم من طريق أبي سلمة عن عائشة أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يصلي ركعتين بعد الوتر وهو جالس. وقد ذهب إليه بعض أهل العلم، وجعلوا الأمر
__________
"يسلم من كل ركعتين، فإنه يدخل فيه الركعتان اللتان قبل الأخيرة، فهو كالنص في موضع النزاع" فيقطعه.
"وحمل الطحاوي هذا" الحديث "ومثله على أن الركعة مضمومة إلى الركعتين قبلها، ولم يتمسك في دعوى ذلك إلا بالنهي عن البتيراء" بضم الموحدة ففوقية مصغر، وهو حديث ضعيف "مع احتمال أن يكون المراد بالبتيراء أن توتر بواحدة فردة ليس قبلها شيء، وهو أعم من أن يكون مع الوصل والفصل" فلا دلالة فيه لما ادعاه، وهذا الاحتمال ورد في نفس حديث البتيراء.
أخرج ابن عبد البر عن أبي سعيد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن البتيراء أن يصلي الرجل واحدة يوتر بها، وللبيهقي في المعرفة عن أبي منصور مولى سعد بن أبي وقاص، قال: سألت ابن عمر عن وتر الليل، فقال: يا بني هل تعرف وتر النهار؟ قلت: هو المغرب، قال: صدقت، ووتر الليل واحدة، بذلك أمر -صلى الله عليه وسلم- قلت: إن الناس يقولون هي البتيراء، قال: يا بني ليست تلك البتيراء، إنما البتيراء أن يصلي الرجل ركعة يتم ركوعها وسجودها وقيامها، ثم يقوم إلى الأخرى فلا يتم لها ركوعًا ولا سجودًا ولا قيامًا، فتلك البتيراء.
"وقد اختلف السلف في أمرين، أحدهما في مشروعية ركعتين بعد الوتر" كائنتين "عن جلوس" اتباعا للوارد "والثاني فيمن أوتر، ثم أراد أن ينتفل في الليل هل يكتفي بوتره الأول، ويتنفل ما شاء أو يشفع وتره بركعة ثم يتنفل" وهذه المسألة تعرف عند العلماء بمسألة نقض

الصفحة 7