كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

ولابن خزيمة: خطب عليه الصلاة والسلام يوم عيد على رجليه.
وهذا مشعر بأنه لم يكن في المصلى في زمانه منبر، ويدل على ذلك قول أبي سعيد: "فلم يزل الناس على ذلك حتى خرجت مع مروان"، ومقتضاه أن أول من اتخذه مروان.
ووقع في المدونة للإمام مالك: أن أول من خطب الناس في المصلى على منبر عثمان بن عفان، كلمهم على منبر من طين بناه كثير ابن الصلت، لكنه معضل، وما في الصحيحين أصح، فقد رواه مسلم من طريق داود بن قيس نحو
__________
مدح بعض الناس، فعلى هذا إنما راعى مصلحة نفسه، ويحتمل أن عثمان فعل ذلك أحيانا بخلاف مروان، فواظب عليه، فلذا نسب إليه.
وروي عن عمر مثل فعل عثمان عند ابن أبي شيبة وعبد الرزاق بإسناد صحيح، لكن يعارضه حديث ابن عباس وابن عمر في الصحيحين أنه كان يصلي قبل الخطبة، فإن جمع بوقوع ذلك منه نادرا، وإلا فما في الصحيحين أصح.
وقد أخرج الشافعي نحو حديث ابن عباس عن عبد الله بن يزيد، وزاد حتى قدم معاوية فقدم الخطبة، فهذا يشير إلى أن مروان إنما فعله تبعا لمعاوية؛ لأنه كان أمير المدينة من جهته، ولعبد الرزاق عن ابن جريج، عن الزهري قال: أول من أحدث الخطبة قبل الصلاة في العيد معاوية، ولابن المنذر عن ابن سيرين: أول من فعل ذلك زيادة بالبصرة.
قال عياض: ولا مخالفة بين هذين الأثرين وأثر مروان؛ لأن كلا من مروان وزياد كان عاملا لمعاوية، فيحمل على أنه ابتدأ بفعل ذلك وتبعه عماله.
"ولابن خزيمة" في رواية مختصرة عن أبي سعيد: "خطب عليه الصلاة والسلام يوم عيد على رجليه، وهذا مشعر بأنه لم يكن في المصلى في زمانه منبر، ويدل على ذلك قول أبي سعيد: فلم يزل الناس على ذلك حتى خرجت مع مروان، ومقتضاه أن أول من اتخذه مروان، ووقع في المدونة للإمام مالك" أي: عنه؛ لأن مؤلفها سحنون تلميذ تلاميذه، رواه عن ابن القاسم وغيره عنه: "أن أول من خطب الناس في المصلى على منبر عثمان بن عفان كلمهم" بدل من خطب "على منبر من طين".
وفي مسلم من حديث أبي سعيد: من طين ولبن، قال ابن المنبر: اختاروا أن يكون من ذلك لا من الخشب لكونه ترك بالصحراء في غير حرز، فيؤمن عليه النقل بخلاف منبر الجامع "بناه كثير بن الصلت لكنه معضل، وما في الصحيحين أصح، فقد رواه مسلم من طريق

الصفحة 71