كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

فأراد أن يشهد له فريقان منهم. وقال ابن أبي جمرة: هو في معنى قول يعقوب لبنيه: {لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ} فأشار إلى أنه فعل ذلك حذر إصابة العين. انتهى.
وكان عليه الصلاة والسلام يخرج الأبكار والعواتق وذوات الخدور والحيض في العيدين، فأما الحيض فيعتزلن المصلى ويشهدن دعوة المسلمين. قالت إحداهن: يا رسول الله إحدانا لم يكن لها جلباب، قال: "فلتعرها أختها من
__________
عند الترمذي وغيره" أسقط من الفتح، فلو عكس ما قاله لكان له اتجاه، ويكون سلوك الطريق القريبة للمبادرة إلى فعل الطاعة وإدراك فضيلة أول الوقت.
"وقيل: لأن الملائكة تقف في الطرقات، فأراد أن يشهد له فريقان منهم، وقال ابن أبي جمرة: هي في معنى قول يعقوب لبنيه: {لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ} [يوسف: 65] "فأشار إلى أنه فعل ذلك حذر إصابة العين" وهي حق، وأسقط من الفتح، وأشار صاحب الهدى إلى أنه فعل ذلك جميع ما ذكر من الأشياء المحتملة القريبة. "انتهى" كلام الحافظ بن حجر بحروفه بما ذكرت أنه أسقطه منه.
"وكان عليه الصلاة والسلام يخرج الأبكار" أي: يأمر كما في رواية للشيخين عن أم عطية: أمرنا -صلى الله عليه وسلم- أن نخرج الأبكار "والعواتق" جمع عاتق البالغة، أو التي قاربت البلوغ، أو التي ما بين أن تبلغ إلى أن تعنس ما لم تتزوج، والتعنيس طول المقام في بيت أبويها بلا زوج حتى تطعن في السن، سميت عاتقا؛ لأنها عتقت من الخدمة أو من قهر أبويها "وذوات الخدور" بضم الخاء المعجمة والدال المهملة، جمع خدر وهو الستر في ناحية البيت، أو السرير المضروب عليه قبة "والحيض" بضم المهملة وشد التحتية: جمع حائض "في العيدين"، متعلق بيخرج "فأما الحيض فيعتزلن المصلى" فلا يختلطن بالمصليات، ومنعهن منع تنزيه، ولمسلم: وأمر الحيض أن يتعزلن مصلى المسلمين "ويشهدن دعوة المسلمين".
وفي رواية في الصحيحين: ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، أي أن خروجهن لأجل شهود الخير ودعوة المسلمين لا لأجل الصلاة "قالت إحداهن" هي رواية الحديث أم عطية: "يا رسول الله إحدانا إذا لم يكن لها جلباب:" بكسر الجيم وسكون اللام وموحدتين بينهما ألف، ثوب أقصر وأعرض من الخمار، وهو المقنعة تغطي به المرأة رأسها، أو هو الخمار، أو الإزار كالملاءة والملحفة، أو ثوب واسع تغطي به المرأة صدرها وظهرها "قال: فلتعرها أختها" في الإسلام "من جلابيبها" جمع جلباب.
وفي رواية للشيخين: من جلبابها بالإفراد على أن المعنى من جنس جلبابها بدليل رواية

الصفحة 78