كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

والعيد الثاني عيد النحر: وهو أكبر العيدين وأفضلهما، وهو مترتب على إكمال الحج، وهو الركن الرابع من أركان الإسلام ومبانيه، فإذا أكمل المسلمون حجهم غفر لهم، وإنما يكمل الحج بيوم عرفة، فإن الوقوف بعرفة ركن الحج الأعظم، ويوم عرفة هو يوم العتق من النار، فيعتق الله فيه من النار من وقف بعرفة ومن لم يقف بها من أهل الأمصار من المسلمين، فلذلك صار اليوم الذي يليه عيدا لجميع المسلمين في جميع أمصارهم، من شهد الموسم منهم ومن لم يشهد، لاشتراكهم في العتق والمغفرة يوم عرفة، وشرع للجميع التقرب إليه تعالى بالنسك بإراقة دماء ضحاياهم، فيكون ذلك اليوم شكرا منهم لهذه النعم، والصلاة والنحر الذي يجتمع في عيد النحر أفضل من الصلاة والصدقة في عيد الفطر، ولهذا أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يجعل شكره لربه على إعطائه الكوثر أن يصلي لربه وينحر.
وقد ضحى -صلى الله عليه وسلم- بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى الله تعالى وكبر. رواه البخاري من حديث أنس، قال: ورأيته واضعا قدمه على صفاحهما،
__________
"والعيد الثاني عيد النحر، وهو أكبر العيدين وأفضلهما وهو مترتب على إكمال الحج، وهو الركن الرابع من أركان الإسلام ومبانيه" بعد الشهادتين "فإذا أكمل المسلمون حجهم غفر لهم" كما وعد الله تعالى "وإنما يكمل الحج بيوم عرفة، فإن الوقوف بعرفة ركن الحج الأعظم" الذي يفوت الحج بفواته "ويوم عرفة هو يوم العتق من النار، فيعتق الله فيه من النار من وقف بعرفة ومن لم يقف بها من أهل المسلمين، فلذلك صار اليوم الذي يليه عيدا لجميع المسلمين في جميع أمصارهم، من شهد الموسم منهم ومن لم يشهد لاشتراكهم في العتق والمغفرة يوم عرفة، وشرع للجميع التقرب إليه تعالى بالنسك:" العبادة "بإراقة دماء ضحاياهم، فيكون ذلك اليوم شكرا منهم لهذه النعم والصلاة والنحر الذي يجتمع في عيد النحر أفضل من الصلاة والصدقة في عيد الفطر، ولهذا أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم" أي أمره الله "أن يجعل شكره لربه على إعطائه الكوثر" نهر في الجنة "أن يصلي لربه" العيد "وينحر" الضحية "وقد ضحى -صلى الله عليه وسلم- بكبشين أملحين" بحاء مهملة تثنية أملح وهو الذي يخالط سواده بياض، والبياض أكثر، وقال الأصمعي: هو الأغبر، وقال ابن الأعرابي: الأبيض الخالص "أقرنين" تثنية أقرن وهو الكبير القرن "ذبحهما بيده الشريفة؛ لأنه أفضل، إذ الذبح عبادة وأفضلها أن يباشرها بنفسه إن كان يحسن ذلك كالمصطفى "وسمى الله تعالى وكبر، رواه البخاري من حديث أنس".

الصفحة 83