كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

يقول: "بسم الله والله أكبر".
وعن عائشة: أنه -صلى الله عليه وسلم- أمر بكبش يطأ في سواد، ويبرك في سواد، فأتى به ليضحي به، فقال: "يا عائشة، هلمي المدية"، ثم قال: "اشحذيها بحجر" ففعلت، ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه، قال: "بسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد"، ثم ضحى به، رواه مسلم.
وعن جابر: ذبح النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم النحر كبشين أقرنين أملحين موجوءين، فلما وجههما قال: "إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض، على ملة إبراهيم
__________
"قال" أنس أيضا كما رواه البخاري وابن ماجه في الأضاحي، ومسلم والنسائي في الذبائح "ورأيته" صلى الله عليه وسلم حال كونه "واضعا قدمه" الشريفة "على صفاحهما" بكسر الصاد المهملة، وجمع وإن كان وضعه على صفحتيهما إما باعتبار أن الصفحتين من كل واحدة في الحقيقة موضوع عليهما قدمه المباركة؛ لأن إحداهما مما يلي الأخرى مما يلي الرجل، وإما أنه من باب قطعت رؤوس الكبشين.
وقال في الفتح: الصفاح الجوانب، والمراد الجانب الواحد من وجه الأضحية، وإنما ثني إشارة إلى أنه فعل ذلك في كل منهما، فهو من إضافة الجمع إلى المثنى بإرادة التوزيع "يقول: بسم الله والله أكبر" وفيه وضع الرجل على صفحة عنقها الأيمن ليكون أثبت له وأمكن لئلا تضطرب الذبيحة برأسها فتمنعه من كمال الذبح أو تؤذيه.
"وعن عائشة أنه -صلى الله عليه وسلم- أمر بكبش يطأ" يمشي "في سواد" أي: قوائمه سود "ويبرك في سواد" أي أن ملاقي محل بروكه على الأرض من بدنه أسود، زاد في رواية: وينظر في سواد، أي: محاجره سود، وقد قيل: إن هذا هو المراد بالأملح، أي: أن مواضع هذه منه سود وما عدا ذلك أبيض، واختار ذلك لحسن منظره وشحمه وطيب لحمه؛ لأنه نوع يتميز به عن جنسه "فأتى به ليضحي به، فقال: "يا عائشة هلمي المدية" السكين "ثم قال: "اشحذيها" بشين معجمة فحاء مهملة فذال معجمة، سنيها "بحجر"، ففعلت" ما أمر به "ثم أخذها" أي المدية "وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه، قال: "بسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد، ثم ضحى به" فأشرك آله وأمته معه في الأجر "رواه مسلم".
"وعن جابر" قال: "ذبح النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم النحر كبشين أقرنين أملحين موجوءين" بالجيم والهمز أي: مخصيين، ففيه جواز التضحية بالخصي "فلما وجههما قال: "إني وجهت وجهي: "قصدت بعبادتي "للذي فطر" خلق "السماوات والأرض"" أي الله حال كوني "على ملة إبراهيم".

الصفحة 84