كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

وكيف يحجب الأرض نور الشمس.
وقد وقع في حديث النعمان بن بشير وغيره للكسوف سبب آخر غير ما يزعم أهل الهيئة، وهو ما أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجه، وصححه ابن خزيمة والحاكم، بلفظ: "إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما آيتان من آيات الله، وإن الله تعالى إذا تجلى لشيء من خلقه خشع له".
وقد استشكل الغزالي هذه الزيادة، وقال: إنها لم تثبت، فيجب تكذيب ناقلها، قال: ولو صحت لكان تأوليها أهون من مكابرة أمور قطعية لا تصادم أصلا من أصول الشريعة.
قال ابن بزيزة: وهذا عجب منه، كيف يسلم دعوى الفلاسفة ويزعم أنها لا تصادم الشريعة، مع أنها مبنية على أن العالم كروي الشكل، وظاهر الشرع يعطي
__________
كيف يظلم الكثير بالقليل، لا سيما وهو من جنسه، وكيف يحجب الأرض نور الشمس" وهي في زاوية منها؛ لأنهم يزعمون أن الشمس أكبر من الأرض بتسعين ضعفا، هكذا في الفتح قبل قوله: "وقد وقع في حديث النعمان بن بشير وغيره: للكسوف سبب آخر غير ما يزعم أهل الهيئة، وهو ما أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجه، وصححه ابن خزيمة والحاكم بلفظ: "إن الشمس والقمر لا ينكسفان" بنون بين الياء والكاف يقال: كسفت وانكسفت، وأنكرها القزاز والجوهري، حيث نسبها للعلامة، والحديث يرد عليه "لموت أحد" قاله لما مات ابنه إبراهيم وقال الناس: إنما كسفت لموته إبطالا لهذا الاعتقاد، وفائدة قوله: "ولا لحياته" مع أن السياق إنما ورد في حق من ظن أنه للموت، دفع توهم أنه لا يلزم من كونه سببا للفقد أن يكون سببا للإيجاد، فعمم الحكم لدفع هذا التوهم "ولكنهما آيتان من آيات الله" الدالة على وحدانيته وعظيم قدرته، أو على تخويف عباده من سطوته وبأسه "وإن الله تعالى إذا تجلى" ظهر "لشيء من خلقه خشع له" فصرح بأن سبب الكسوف التجلي زيادة على التخويف، وكل منهما خلاف زعم أهل الهيئة أنه عادي.
"وقد استشكل الغزالي هذه الزيادة" أي: وإن الله.. إلخ "وقال: إنها لم تثبت" إذ الأحاديث في الصحيحين وغيرهما عن جمع من الصحابة بدونها "فيجب تكذيب ناقلها، قال: ولو صحت لكان تأويلها أهون:" أسهل "من مكابرة أمور قطعية لا تصادم أصلا من أصول الشريعة.
"قال" محمد "بن بزيزة" بموحدة مفتوحة وزاي مكررة، وزن سفينة الفقيه المالكي المشهور "وهذا عجب منه" أي: الغزالي "كيف يسلم دعوى الفلاسفة ويزعم أنها لا تصادم

الصفحة 90