كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)

عليه قوله في حديث عقبة بن عامر عند ابن خزيمة: أهوى بيده ليتناول شيئا، وفي حديث أسماء عند البخاري: "حتى لو اجترأت عليه" وكأنه لم يؤذن له في ذلك فلم يجترئ عليه. قال ابن بطال: لم يأخذ العنقود؛ لأنه من طعام الجنة، وهو لا يفنى والدنيا فانية لا يجوز أن يؤكل فيها ما لا يفنى. انتهى.
وفي حديث أسماء بنت أبي بكر، عند البخاري ومسلم ومالك والنسائي قال: "ما من شيء كنت لم أره إلا قد رأيته في مقامي هذا حتى الجنة والنار، ولقد
__________
حديث عقبة بن عامر عند ابن خزيمة: أهوى بيده ليتناول شيئا".
"وفي حديث أسماء" بنت أبي بكر "عند البخاري" في أوائل صفة الصلاة "حتى لو اجترأت عليه، وكأنه لم يؤذن له في ذك فلم يجترئ عليه" بالهمز، وقيل: الإرادة مقدرة، أي: أردت أن أتناول ثم لم أفعل، ويؤيده حديث جابر عند مسلم: "ولقد مددت يدي وأنا أريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا إليه، ثم بدا لي أن لا أفعل"، وللبخاري من حديث عائشة: "حتى لقد رأيتني أريد آخذا قطفا من الجنة حين رأيتموني جعلت أتقدم"، ولعبد الرزاق من طريق مرسلة: " أردت أن آخذ منها قطفا أريكموه" فلم يقدر، ولأحمد من حديث جابر: "فحيل بيني وبينه".
"قال ابن بطال: لم يأخذ العنقود؛ لأنه من طعام" أهل "الجنة، وهو لا يفنى والدنيا فانية، لا يجوز أن يؤكل فيها ما لا يفنى. انتهى".
وقيل: لأنه لو رآه الناس لكان إيمانهم بالشهادة لا بالغيب، فيخشى أن يقع رفع التوبة، فلا ينفع نفسا. إيمانها، وقيل: لأن الجنة جزاء الأعمال، والجزاء بها لا يقع إلا في الآخرة.
وحكى ابن العربي في قانون التأويل عن بعض شيوخه أن معنى قوله: "لأكلتم منه ... " إلخ، أن يخلق في نفس الآكل مثل الذي أكل دائما، بحيث لا يغير عن ذوقه، وتعقب بأنه رأي فلسفي مبني على أن الدار الآخرة لا حقائق لها، وإنما هي أمثال، والحق أن ثمار الجنة لا مقطوعة ولا ممنوعة، وإذا قطعت خلفت في الحال، فلا مانع أن يخلق الله مثل ذلك في الدنيا إذا شاء، والفرق بين الدارين في وجوب الدوام وجوازه. انتهى من الفتح.
"وفي حديث أسماء بنت أبي بكر" الصديق "عند البخاري" من طريق مالك وغيره "ومسلم" من طرق "ومالك" في الموطأ "والنسائي" أنها قالت: أتيت عائشة حين خسفت الشمس، فإذا الناس قيام يصلون، وإذا هي قائمة تصلي، فقلت: ما للناس! فأشارت بيدها نحو السماء، فقلت: آية! فأشارت برأسها أن نعم، قالت: فقمت حتى تجلاني الغشي، وجعلت أصب فوق رأسي ماء، فلما انصرف -صلى الله عليه وسلم- حمد الله وأثنى عليه، ثم "قال: "ما من شيء" من الأشياء "كنت لم أره إلا قد رأيته" رؤية عين حقيقة "في مقامي" بفتح الميم "هذا" صفة مقامي،

الصفحة 97