كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 11)
أوحي إلي أنكم تفتنون في قبوركم، مثل أو قريبا -لا أدري أي ذلك قالت أسماء- من فتنة المسيح الدجال. يؤتى أحدكم في قبره يقال: ما علمك بهذا الرجل؟ فأما المؤمن أو الموقن -لا أدري أي ذلك قالت أسماء- فيقول: هو محمد رسول الله جاءنا بالبينات والهدى، فأجبنا واتبعنا، هو محمد ثلاثا، فيقال: نم صالحا، قد
__________
وتعسف من جعله خبر محذوف، أي: هو هذا المشار إليه "حتى الجنة والنار" ضبط بالحركات الثالث فيهما، كما قال الحافظ وغيره، فالرفع على أن حتى ابتدائية والجنة مبتدأ محذوف الخبر، أي: مرئية والنار عطف عليه، والنصب على أنها عاطفة على الضمير المنصوب في رأيته، والجر على أنها جارة أو عاطفة على المجرور السابق، وهو شيء وإن لزم عليه زيادة من مع المعرفة، والصحيح منعه؛ لأنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع؛ ولأن المقدر ليس كالملفوظ به، ومفاد الأغياء أنه لم يرهما قبل، مع أنه رآهما ليلة المعراج وهو قبل الكسوف بزمان.
وأجيب بأن المراد هنا في الأرض بدليل قوله: في مقامي هذا، أو باختلاف الرؤية "ولقد أوحي إلي أنكم تفتنون" تمتحنون وتختبرون "في قبوركم مثل" بلا تنوين "أو قريبا" بالتنوين، وقوله: "لا أدري، أي: ذلك" أي: مثل أو قريبا "قالت أسماء" مقول فاطمة بنت المنذر بن الزبير رواية الحديث عن جدتها أسماء "من فتنة المسيح الدجال" الكذاب.
قال الكرماني: وجه الشبه بين الفتنتين الشدة والهول والهموم.
وقال الباجي: شبهها بها لشدتها وعظم المحنة بها وعدم الثبات معها "يؤتى أحدكم في قبره" والآتي ملكان أسودان أزرقان، يقال لأحدهما المنكر والآخر النكير، رواه الترمذي وابن حبان، لكن قال منكر ونكير بدون أل، وذكر بعض الفقهاء؛ أن هذا اسم اللذين يسألان المذنب، واسم اللذين يسألان المطيع بشر وبشير "يقال له: ما علمك" مبتدأ خبره "بهذا الرجل"؟ محمد -صلى الله عليه وسلم، ولم يقل: برسول الله لئلا يكون تلقينا للحجة.
قال عياض: قيل: يحتمل أنه مثل للميت في قبره، والأظهر أنه سمي له. انتهى، يعني: لأنه المتبادر من قوله في الصحيحين عن أنس، " فيقولان: ما كنت تقول في هذا الرجل محمد"، وكذا في رواية ابن المنكدر عن أسماء عند أحمد.
"فأما المؤمن أو الموقن" أي: المصدق بنبوته "لا أدري أي ذلك، قالت أسماء": شكت فاطمة قال الباجي: والأظهر أنه المؤمن، لقوله: فآمنا دون أيقنا، أو لقوله: لمؤمنا "فيقول: هو محمد رسول الله جاءنا بالبينات" المعجزات الدالة على نبوته "والهدى" الدلالة الموصلة إلى البغية "فأجبنا واتبعنا" بحذف ضمير المفعول فيهما للعلم به.
وفي رواية الموطأ والبخاري: فأجبنا وآمنا واتبعنا "هو محمد ثلاثا" هكذا في رواية مسلم،