كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 11)

قوله: {بَلْ جِئْنَاكَ} إضراب عن الكلام المحذوف، تقديره: ما جئناك بما ينكر، {بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا [كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ} ] .
وقد تقدَّم الخلاف في قوله: «فأسْرِ» قعاً ووصلاً في هود: [81] .
وقرأ اليماني فيما نقل ابن عطية، وصاحب اللوامح: «فَسِرْ» من السير. وقرأت فرقة بفتح الطاء، وقد تقدَّم في يونس أنَّ الكسائي، وابن كثير قرآه بالسكون في قوله «قِطْعاً» والباقون بالفتح.
قوله: قالت الملاكئة {بَلْ جِئْنَاكَ بِمَا كَانُواْ فِيهِ يَمْتَرُونَ} يشكون أنه نازلٌ بهم، وهو العذاب؛ لأنه كان يوعدهم بالعذاب، فلا يصدقونه، ثمَّ أكدوا ذلك بقولهم: {وَآتَيْنَاكَ بالحق} قال الكلبيُّ: بالعذاب، [وقيل] باليقين والأمر الثابت الذي لا شك فيه وهو العذاب] ثم أكدوا هذه التَّأكيد بقولهم {وَإِنَّا لَصَادِقُونَ} .
{فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ الليل} والقِطْعُ والقَطع: آخر الليل؛ قال: [الخفيف]
3280 - افْتَحِي البَابَ وانظُرِي في النُّجُومِ ... كَم عليْنَا مِن قِطْعِ ليْلٍ بَهِيمِ
{واتبع أَدْبَارَهُمْ} ، أي سر خلفهم {وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ} لئلا ترتاعوا من أمر عظيم فأنزل بهم من العذاب.
وقيل: معناه الإسراع، وترك الاهتمام لما خلف وراءه، كما يقول: امض لشأنك، ولا تعرج على شيءٍ.
وقيل: المعنى لو بقي [منه] متاعٌ في ذلك الموضع، فلا يرجعن بسببه ألبتَّة.
وقيل: جعل الكله ذلك علامة لمن ينجو من آل لوطٍ.
{وامضوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ} قال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما: يعني «الشَّام» .
وقال المفضل: حيث يقول لكم جبريل. وقال مقاتل: يعني زغر. وقيل: «الأرْدن» .
قوله: {حَيْثُ تُؤْمَرُونَ} «حَيْثُ» على بابها من كونها ظرف مكان مبهمٍ، ولإبهامها

الصفحة 475