كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 11)

قوله: {وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ} الظاهر عود الضمير على المدينة، أو القرى وقيل على الحجارة وقيل: على الآيات، والمعنى: بطريقٍ قال مجاهد هذا طريق معلم، وليس بخفيّ، ولا زائلٍ.
ثم قال: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} ، إي: كل من آمن بالله، ويصدق بالأنبياء، والرُّسلِ صلوات الله وسلامه عليهم؛ عرف أنَّما كان انتقامُ الله من الجُهَّال لأجل مخالفتهم، وأمَّا الذين لا يؤمنون؛ فيحملونه على حوادث [العالم] ، وحصول القرانات الكوكبية، والاتصالات الفلكية.
قوله تعالى: {وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأيكة لَظَالِمِينَ} «إنْ» هي المخففة، واللم فارقة وهي للتأكيد، وقد تقدَّم حكم ذلك [البقرة: 143] .
و «الأيْكَة» : الشَّجرة الملتفَّّة، واحدة الإيْكِ. قال: [الكامل]
3290 - تَجْلُو بِقَادمتَي حَمامَةِ أيْكَةٍ ... بَرَاداً أسِفَّ لِثاتهُ بالإثْمِدِ
ويقال: لَيْكَة، وسيأتي بيانه عند اختلاف القرَّاء فيه الشعراء: [176] إن شاء الله تعالى.
وأصحاب الأيكة: قوم شعيب كانوا أصحاب غياضٍ، وشجرٍ متلفٍّ.
قال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما: وكان عامة شجرهم الدوم، وهو المقل.
{فانتقمنا مِنْهُمْ} بالعذاب.
روي أنَّ الله تعالى سلَّط عليهم الحر سبعة أيَّام، مفبعث الله سبحانه سحابة فالتجئوا إليها يلتمسون الرَّوْحَ؛ فبعث الله عليهم ناراً، فأحرقتهم، فهو عذابُ يوم الظُّلة.
قوله تعالى: {وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ} في ضمير التثنية أقوال:
أرجحها: عوده على [قريتي] قوم لوطٍ، وأصحاب الأيكةِ، وهم: قوم شعيبٍ؛ لتقدُّمها ذكراً.

الصفحة 482