كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 11)

وقيل: يعود على لوطٍ وشعيبٍ، [وشعيبٌ] لم يجر له ذكر، ولكن دلَّ عليه ذكر قومه.
وقيل: يعود على الخبرين: خبر هلاك قوم لوطٍ، وخبر إهلاك قوم شعيبٍ.
وقيل: يعود على أصحاب الأيكةِ، وأصحاب مدين؛ لأنه مرسلٌ إليهما، فذكر أحدهما يشعر بالأخرى.
وقوله جل ذكره {لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ} أي: بطريق واضح، والإمام [اسم لما] يؤتمُّ به.
قال الفراء، والزجاج: «إنَّما جعل الطَّريقُ إماماً؛ لأنه يؤمُّ، ويتبع» .
قال ابن قتيبة: لأنََّ المسافر يأتمُّ به حتى يصير إلى الموضع الذي يريده.
وقوله: «مُبينٍ» يحتمل أنه مبين في سنفسه، ويحتمل أنه مبين لغيره، لأن الطريق تهدي إلى المقصد.
قوله: {وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحجر المرسلين} . قال صاحبُ «ديوان الأدبِ» الحِجْر: بكسر الحاء المهملة، وتسكين الجيم له ستَّة معانٍ:
فالحِجْر: منازل ثمود، وهو المذكور هاهنا، والحِجْرُ: الأنثى من الخيل. والحِجْرُ: الكعهبة. والحِجْرُ: لغة في الحجرِ، هو واحد الحجور في قوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللاتي فِي حُجُورِكُمْ} [النساء: 23] والحِجْرِ: العَقْلُ، قال تعالى: {هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِى حِجْرٍ} [الفجر: 5] ، والحِجْرُ: الحرامُ في قوله تعالى: {وَحِجْراً مَّحْجُوراً} [الفرقان: 53] أي: حراماً محرماً.
فصل
قال «المُرْسلينَ» ، وإنَّما كذبوا صالحاً وحده؛ لأنَّ من كذَّب نبيًّا؛ فقد كذَّب الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ملأنهم على دين واحد ولا يجوز التَّفرييقُ بينهم.
وقيل: كذَّبُوا صالحاً، وقيل: كذَّبوا صالحاً ومن تقدمه من النَّبيين أيضاً، والله تعالى أعلم.
قال المفسرون: والحِجْرُ: اسم وادٍ كان يسكنه ثمود قوم صالحٍ، وهو بين المدينة، والشام، والمراد ب «المُرْسلينَ» صالحٌ وحده.

الصفحة 483