كتاب البناية شرح الهداية (اسم الجزء: 11)

ولهما أن ولاء العتاقة قوي معتبر في حق الأحكام حتى اعتبرت الكفاءة فيه والنسب في حق العجم ضعيف، فإنهم ضيعوا أنسابهم، ولهذا لم تعتبر الكفاءة فيما بينهم بالنسب والقوي لا يعارضه الضعيف، بخلاف ما إذا كان الأب عربيا لأن أنساب العرب قوية معتبرة في حكم الكفاءة والعقل كما أن تناصرهم بها فأغنت عن الولاء، قال: - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الخلاف في مطلق المعتقة والوضع في معتقة العرب وقع اتفاقا.
ـــــــــــــــــــــــــــــQفإن قلت: لو كان هالكا لما جرى القصاص. قلت: جريانه لآدميته لا لحريته ورقه ولا نقصان في ذلك.
م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة ومحمد رحمهما الله م: (أن ولاء العتاقة قوي معتبر في حق الأحكام) ش: لأنه ولاء نعمة م: (حتى اعتبرت الكفاءة فيه) ش: أي في ولاء العتاقة، حتى لا يكون معتق العجم كفئا لمعتقة العرب، ولهذا يجوز إبطال حرمة العجم بالاسترقاق م: (والنسب في حق العجم ضعيف فإنهم) ش: أي فإن العجم م: (ضيعوا أنسابهم) ش: حيث لم يعتبروا ذلك قبل الإسلام، وكان تفاخرهم وتقييدهم بعمارة الدنيا حتى جعلوا من له أب واحد في الإمارة ليس كفئا لمن له أبوان في ذلك. وتفاخرهم بعد الإسلام بالإسلام، وإليه أشار سلمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حين قيل له سلمان ابن من؟ فقال سلمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -:
أبي الإسلام لا أب لي سواه ... إذا افتخروا بقيس أو تميم
م: (ولهذا) ش: أي ولأجل كونهم ضيعوا أنسابهم م: (لم تعتبر الكفاءة فيما بينهم بالنسب والقوي لا يعارضه الضعيف، بخلاف ما إذا كان الأب عربيا؛ لأن أنساب العرب قوية معتبرة في حكم الكفاءة والعقل، لما أن تناصرهم بها) ش: أي بالأنساب م: (فأغنت عن الولاء) ش: أي أغنت أنسابهم عن التناصر بالولاء.
م: (قال - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الخلاف) ش: المذكور بين أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وصاحبيه م: (في مطلق المعتقة) ش: إنما قال ذلك لأن محمدا - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذكر المعتقة مطلقا، حتى لو تزوج بمعتقة غير العربي كان كذلك م: (والوضع في معتقة العرب وقع اتفاقا) ش: أي وضع القدوري هذه المسألة في "مختصره " بقوله: ومن تزوج من العجم بمعتقة العرب وقع على سبيل الاتفاق له القصد، قيل تعليل قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله في قوله والنسب في حق العجم ضعيف يرجح ولاء العتاقة إذا كانت المعتقة من العرب؛ لأن الولاء لحمة كلحمة النسب، والنسب في حق العرب قوي، فكذلك معتقهم يحكي حكاية النسب، فكان قربا فرجح حينئذ معتق العرب على المنسوب في المعجم لا مطلق المعتق.

الصفحة 18