كتاب البناية شرح الهداية (اسم الجزء: 11)

من جعله رهنا لقصد المتعاقدين، ومنهم من جعله باطلا اعتبارا بالهازل. ومشايخ سمرقند - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - جعلوه بيعا جائزا مفيدا لبعض الأحكام على ما هو المعتاد للحاجة إليه.
ـــــــــــــــــــــــــــــQعلى السعدي، والقاضي الإمام الحسن الماتريدي، وشيخ الإسلام عطاء وحمزة وغيرهم م: (من جعله) ش: أي البيع المذكور.
م: (رهنا لقصد المتعاقدين) ش: لأنهما قصدا أن يكون البيع محبوسا بالثمن المؤدى إلى حين رد الثمن إلى المشتري، فكان رهنا معنى، لأنهما وإن سميا بيعا لكن غرضهما الرهن والعبرة للمقاصد والمعاني فلا يملكه المرتهن ولا يطلق له الانتفاع إلا بإذن مالكه وهو ضامن كما أكل من ثمرة واستهلك من عينه والدين ساقط بهلاك في يده إذا كان وفاء بالدين، ولاضمان عليه في الزيادة إذا هلك بغير صنعه وللبائع استرداده إذا قضى دينه لا فرق عندنا بينه وبين الرهن.
م: (ومنهم) ش: أي ومن المشايخ م: (من جعله باطلا اعتبارا بالهازل) ش: لأنهما تكلما بلفظ البيع وليس قصدهما فكان لكل منهما أن يفسخ بغير رضا صاحبه. ولو أجاز أحدهما لم يجز على صاحبه والهازل أيضا راض بمباشرة السبب لكنه غير راض ولا مختار لحكمه فكان كخيار الشرط مؤبدا فالعقد فاسد غير موجب للملك.
م: (ومشايخ سمرقند - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - جعلوه بيعا جائزا) ش: قال الإمام نجم الدين النسفي: اتفق مشايخنا في هذا الزمان على صحته بيعا وكان عليه بعض السلف لأنهما تلفظا بلفظ البيع، والعبرة للملفوظ دون المقصود كمن تزوج امرأة بقصد أن يطلقها بعدما جامعها صح العقد، يعني لم يكن متعة، كذا في الفصول للأستروشني.
وذكر في " فتاوى قاضي خان " والإمام ظهير الدين: والصحيح أن العقد الذي جرى بينهما إن كان بلفظ البيع لا يكون رهنا، ثم ينظر إن كانا ذكرا شرط الفسخ في البيع فسد البيع، وإن لم يذكرا وتلفظا بالبيع جاز. وعندهما هذا البيع عبارة عن بيع غير لازم، فكذلك أي فاسد.
وإن ذكر البيع من غير شرط ثم ذكر الشرط على وجه الميعاد جاز البيع ويلزم الوفاء بالميعاد، لأن المواعيد قد تكون لازمة فيجل هذا الميعاد لازما
لحاجة
الناس م: (مفيدا لبعض الأحكام) ش: هو الانتفاع به دون البعض، وهو المبيع والهبة من آخره. واختار المصنف هذا القول، وأشار إليه بقوله البيع الجائز المعتاد م: (على ما هو المعتاد للحاجة إليه) ش: أي
لحاجة
الناس إليهم، لأنهم في عرفهم لا يفهمون لزوم البيع بهذا الوجه، فلا يجيزونه إلى أن يرد البائع الثمن إلى المشتري وبقي المشتري يرد البيع إلى البائع أيضا ولا يمنع عن الرد، فلهذا سموه بيع الوفاء لأنه وفى بما عاهد من رد المبيع.

الصفحة 46