كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (اسم الجزء: 11)

قرية، حَتَّى بلغت خراسان، فصادفت من عرفني وتصرفت [1] فِي صناعتي، ورزقني الله مَالا عظيمَا، وكتبت [2] ستة وستين كتابا [3] لأعرف خبر منزلي فلم يعد لي [4] جواب، فلم أشك أن/ الجارية مَاتت، وتراخت السنون، حَتَّى حصل معي ما قيمته 6/ أعشرون ألف دينار، فقلت: قد صارت لي نعمة، فلو رجعت إِلَى وطني، فابتعت بالمَال كله متاعا من خراسان، وأقبلت أريد العراق، فخرج عَلَى القافلة اللصوص فأخذوا [5] مَا فيها ونجوت [6] بثيابي، وعدت فقيرا كمَا خرجت من بغداد، فدخلت الأهواز متحيرا، فكشفت خبري لبعض أهلها، فأعطاني مَا كملت [7] به إِلَى واسط، وفقدت نفقتي، فمشيت إِلَى هَذَا الموضع، وقد كدت أتلف، فاستغثت بك، ولي مذ فارقت بغداد ثمَان وعشرون سنة.
قَالَ: فعجبت من محبته، ورققت لَهُ، وقلت: إذا صرنا إِلَى بغداد فصر إلي، فإني [8] أتقدم بتصريفك فيمَا يصلح لمثلك، فدعى لي ودخلنا [إِلَى] [9] بغداد، ومضت مدة فنسيته فيها، فبينا أنا يومَا قد ركبت أريد دار المأمون، إذا أنا بالشيخ عَلَى بابي [10] راكبا بغلا فارها بمركب ثقيل، وغلام أسود بين يديه، وثياب رفيعة فرحبت به [11] ، فقلت: مَا الخبر؟ قَالَ: طويل. قلت: عد إلي. فلمَا كَانَ من الغد جاءني.
فقلت: عرفني خبرك، فقد سررت بحسن حالك.
فَقَالَ: إني لمَا صعدت [12] من زلالك قصدت داري، فوجدت/ حائطها الّذي 6/ ب عَلَى الطريق كمَا خلفته، غَيْر أن باب الدار مجلو نظيف، وعليه بواب وبغال مَعَ شاكرية، فقلت: إنا للَّه مَاتت جاريتي، وتملك الدار بعض الجيران، فباعها عَلَى رجل من أصحاب السلطان، ثم تقدمت إِلَى بقال كنت أعرفه فِي المحلة [13] ، فإذا فِي دكانه غلام حدث، فقلت: من تكون من فلان البقال؟ قَالَ: ابنه. قلت: ومتى مَات أبوك؟ قَالَ: مذ
__________
[1] في ت: «وصرفي» .
[2] في ت: «وكبت» .
[3] في ت: «كتبا» .
[4] في ت: «فلم يصلني» .
[5] في ت: «فأخذت» .
[6] في ت: «فنجوت» .
[7] في ت: «ما تحملت» .
[8] في ت: «بأني» .
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] «على بابي» ساقطة من ت.
[11] في ت: «فرفعت به» .
[12] في ت: «إني اصعدت» .
[13] «في المحلة» ساقطة من ت.

الصفحة 11