كتاب المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (اسم الجزء: 11)

ثم هم [1] الذين جادلوا بالباطل [ليدحضوا به الحق] [2] فدعوا إِلَى قولهم ونسبوا أنفسهم إِلَى السنة فِي كل فصل من كتاب الله قصص من تلاوته، ومبطل قولهم، ومكذب دعواهم، ثم أظهروا مَعَ ذلك أنهم أهل الحق والدين والجمَاعة، وأن من سواهم أهل الباطل والكفر والفرقة، فاستطالوا بذلك وغروا [3] الجهال حَتَّى مَال [4] قوم من أهل السمت الكاذب [5] ، والتخشع لغير الله، والتعسف [6] لغير الدين إِلَى موافقتهم عَلَيْهِ، ومواطأتهم عَلَى آرائهم تزيّنا بذلك عندهم وتصنعا للرئاسة والعدالة فيهم، فتركوا الحق إِلَى الباطل [7] ، واتخذوا دين الله وليجة [8] إِلَى ضلالتهم. وقد أخذ [الله] [9] عليهم فِي الكتاب [10] ألا يقولوا عَلَى الله إلا الحق أولئك الذين أصمهم الله وأعمى أبصارهم أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها 47: 24 [11] . 9/ ب فرأى أَمِير الْمُؤْمِنِينَ أن أولئك شر الأمة، ورءوس الضلالة، المنقوصون من التوحيد حظا، والمبخوسون [12] من الإيمَان نصيبا، وأوعية الجهالة [13] ، وأعلام الكذب، ولسان إبليس الناطق فِي أوليائه.
فاجمع من بحضرتك من القضاة، واقرأ عليهم كتاب أَمِير الْمُؤْمِنِينَ هَذَا إليك، وابدأ بامتحانهم فيمَا يقولون، واكشفهم [14] عمَا يعتقدون فِي خلق الله وإحداثه، وأعلمهم أن أَمِير الْمُؤْمِنِينَ غير مستعين فِي عمله، ولا واثق فيمَا قلده الله، واستحفظه من أمور رعيته بمن لا يوثق بدينه، وخلوص توحيده [15] ويقينه، فإذا أقروا بذلك ووافقوا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ [فيه] [16] ، وكانوا عَلَى سبيل الهدى، فمرهم بمساءلة من يحضرهم من الشهود عن علمهم في القرآن، وترك إثبات شهادة من لم يقر أنه مخلوق محدث والامتناع من توقيعها عنده، واكتب لأمير [17] الْمُؤْمِنِين بمَا يأتيك من قضاة عملك فِي مسألتهم، والأمر
__________
[1] في ت: «ثم هاهم» .
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] في ت: «وغروبه» .
[4] «مال» ساقطة من ت.
[5] الكاذب» ساقطة من ت.
[6] في ت: «التعشف» .
[7] في الطبري: «إلى باطلهم» .
[8] في ت: «واتخذوا دون الله ولجة» .
[9] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[10] «في الكتاب» ساقطة من ت.
[11] سورة: محمد، الآية: 24.
[12] في الطبري: «المخسوسون» .
[13] في ت: «الجهل» .
[14] في ت: «وبكشفهم» .
[15] في الأصل: «وخلو من توحيده» .
[16] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[17] في ت: «وكتب إلى أمير» .

الصفحة 17